تحميل كتاب واحد تاني مقالات بتكح تراب ! pdf

تحميل كتاب واحد تاني مقالات بتكح تراب ! pdf

الكاتب: Wael Abbas

التقييم:4.67

تاريخ النشر: 10-1-2018
Goodreads

هذا الكتاب هو كتابي الثاني الذي أنشره بنفسي بنفس الطريقة التي نشرت بها كتابي الأول “الخروج من الطاسة”، بدون دار نشر، ومن هنا جاء الإسم “واحد تاني”، كما إنه ليس كتاب “تاني” فقط، لكن اللي كتبه هو كمان واحد تاني، ما تستغربوش، هو أنا أيضا، لكن أنا زمان، “وائل تاني” مختلف، أكيد كلنا كنا “واحد تاني” زمان، شكلنا وأفكارنا وتصرفاتنا، لما نخرج من نفسنا ونرجع بالزمن للوراء ونبص على نفسنا من بره، أو من بعيد، ها نكتشف واحد تاني خالص، ممكن تختلف معاه في كل حاجة، بل ممكن حتى تكرهه، أو تعطف عليه ويصعب عليك هبله، وبالتالي ما تاخدوش الكلام اللي فيه على إنه بيعبر عني وعن أفكاري حاليا ودلوقت.

الكتاب ليس الكتاب الثاني الذي كتبه “وائل تاني” فقط، ولكنه ينتمي أيضا لزمن تاني، زمن فات، مش بس لأنه بيحتوي مقالات من قبل الثورة. زمن كان لسه فيه صدام حسين موجود وعايش وبيحكم العراق بالحديد والنار، وكذلك معمر القذافي لسه بنشوفه بيخطب في التلفزيون وبيضحنا ويسلينا، وكذلك حسني مبارك زعيم الريادة لما كان عامل حكيم الزمان والعالم بياخد برأيه، وكنا إبتدينا نلاحظ تلميع جمال مبارك ونناقش خطر التمديد والتوريث، زمن فيه فرحنا لما أوباما جه في أمريكا لأنه أول رئيس أسود وبيمثل التغيير، زمن بدايات ثورة الإنترنت، التدوين، جورج بوش وغزو العراق، بن لادن وتنظيم القاعدة، صحافة المواطن، السوشيال ميديا، بزوغ حركات التغيير، عالم ما بعد 11 سبتمبر، عالم جديد، لكن ليس بالجميل.

في ذلك العالم “التاني” كنت انا بعدي مازلت في العشرينات، حديث التخرج، ملوث بكل ما يتلوث به الشباب عادة في تلك السن، خصوصا من يعيشون في مجتمع مثل مجتمعنا، محافظية وذكورية وشوفينية وطنية، وأحيانا تدين، وإن كان تديني وقتها إصلاحيا رافضا للخطاب المتطرف والمنافق في ذات الوقت السائد بين الناس، والذي مازال سائدا للأسف، وإن كنت أزعم أنني حاولت بكتابتي في الدين، التي توقفت عنها حاليا، المناداة بالإعتدال كما كنت أراه وقتها، والوسطية كما كنت أدركها حينها، كما حاولت كشف النصابين ممن يخدعون الشباب بإسم الدين لأدق ناقوس الخطر، وتناولت ظاهرة الدعاة الجدد التيليفانجيليست زي عمرو خالد، وبهاليل الإعجاز العلمي في القرآن زي زغلول النجار.

هذه الكتابات الساذجة أو العميقة حسب ما يراها القاريء العزيز هي نتاج فترة كان المحتوى العربي على الإنترنت مازال بعد وليدا جديدا، حاول الإسلاميون السيطرة عليه، وأنشأوا المنابر المتطرفة التي لا ترحب بالخطاب المختلف، مثل المنتديات التي في أغلبها خليجية، وقنوات البالتوك، لتعبر عن مجتمعاتهم وأفكارهم المحافظة، حتى إخترقت أنا وأمثالي من المدونين ذلك بمحتوانا المتواضع، بمجموعاتنا البريدية وبالمدونات التي قدمت خطابا مختلفا حرصت ان يكون باللغة العربية وبالعامية تحديدا، وكان تقريبا المحتوى الوحيد المنافس، وبشرت تلك المدونات بالتحرر والإختلاف بمذاهب وإيديولوجيات مغايرة، وأعطت صوتا لأناس في العادة هم الأقلية وهم المقموعين في تلك المجتمعات.

لم أكن وقتها أيضا ثوريا تصادميا، واعترف اني كنت انتقد من كان ثوريا، بل كنت أرى أن الإصلاح هو الحل حتى في السياسة، لكن كانت الثورة أيضا أمنية، تمنيتها بيني وبين نفسي وأنا موقن بفشلها، وما أيقنته حدث بالفعل كما رأينا، ستلاحظون اني كنت اعمل مستقلا، ثم بدايات إنضمامي لحركات مثل كفاية وحركة شباب من أجل التغيير، وكانت لي علاقاتي بتنظيمات مثل الإخوان المسلمين والإشتراكيين الثوريين، لكني لم أنضم إلى أي منهم، وبداية شهرتي التي لم أطلبها ولكن جاءت مصادفة لم أتوقعها، وسفرياتي حول العالم وإكتشافه على حقيقته، كما ستجدون الكثير من التوقعات لأمور كلها حدثت بالفعل، وستجدوني أشير إلى بعضها بعلامة (*)، كتوقعي لغزو العراق، وثورة يناير وخلع مبارك، ووصول الإخوان للحكم، وتنبؤآت أخرى للمستقبل أتمنى أن لا تحدث، خصوصا مقال “مصر 2020”.

ستجدون أنه قد كانت لي بعض الأصنام أيضا، أناس كنت أصدقهم وأتبع ما يقولون، بسبب تلميع الإعلام لهم ولما يقولون، فستجدونني أستشهد بالشيخ الشعراوي في الدين، والغزالي، بل وبعض شيوخ الوهابية، وأستشهد بزاهي حواس في المصريات، وأحمد زويل وفاروق الباز في العلم، قبل أن يتغير رأيي في كل هؤلاء وفي علمهم ومنهجهم وما يفعلون.

حاولت قدر إستطاعتي المحافظة على النصوص الأصلية والأفكار الأصلية لما كتبت، كنوع من الأمانة العلمية، على كراهيتي أحيانا لما كتبته في الماضي وإختلافي الآن معه ومخالفته لما أؤمن به حاليا من حقوق وحريات، إيمان إكتسبته وسعيت لإكتسابه على مر سنوات من الخبرة في التدوين والعمل الصحفي والحقوقي والسفر إلى الخارج وحضور المؤتمرات والندوات، والإختلاط بشخصيات ذات قيمة فكرية ونضالية، علاوة على ما أزعمه لنفسي من نضال في الشارع وإحتكاك بالنشطاء وبالنظام وأجهزته على حد سواء، سواء كان إحتكاكا إيجابيا أم سلبيا.

أريد بهذا أن أعطي مثالا لتغير أفكار الإنسان بإكتساب الخبرة والمعرفة، حتى لو قمت بتشريح نفسي بنفسي، لأثبت أنه دائما هناك فرصة للإنسان ليعتنق الفكر الأفضل مهما عاند، الذي لا أزعم أني وصلت إلى منتهاه، ولكن يحاول الإنسان طالما هو حي.

حاولت العثور قدر الإمكان على أقدم ما كتبت، فكان معظمه باللغة الإنجليزية، نظرا لدراستي الأكاديمية للإنجليزية، أو بالفرانكو آراب نظرا لعدم دعم الإنترنت في التسعينات مثلا للعربية، لكني كنت حريصا على الكتابة بلغة سهلة بسيطة تصل للشباب بدون تعالي مني او ادعاء للثقافة، فهم كانوا دائما جمهوري المستهدف القادر على التغيير، وأقدم ما وجدته بالعربية يعود إلى العام 2002، اي منذ 16 عاما، وقت طويل يكفي لتكون التراب على كلامي.

معظم ما هو منشور في الكتاب لم يعد له وجود على صفحات الإنترنت، فقد إختفت المواقع والصفحات والخوادم التي كانت تحمله، وإختفى أيضا من عقلي، فقد تغيرت أفكاري بشكل كبير، لكني وجدت بقاياه على هارد ديسكات واسطوانات ليزر قديمة، وهذه ربما أول مرة يطبع هذا الكلام على ورق، فكما يبدو أن الورق يخلد أكثر مما يخلد الإلكتروني.

نفض التراب .. وإبدأ القراءة