تحميل كتاب هنا تويتر pdf
الكاتب: ثامر عدنان شاكر
التقييم:3.23
عصفورة نقية علمتنا أن الكلمة أمانة، وأن القلم يبقى قلماً إلى يوم الدين..وأن بوسعه أن يُزلزل الأرض وينسف الجبل، ويعلن زوال إمبراطوريات الشر..وأن أصابعنا القوية تقدر أن تسدل الستار على زمن الصمت..وأن تحيل سكون الحاضرين صخباً..وتصنع من وجوههم أبطال ملحمة تُسمى..انتصار الحلم
“لم يكن ديل كارنيجي يعلم حين ألّف كتابه” كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر على الناس” عام 1937م، أن هناك أشخاصاً في بقعة بعيدة عن بلاده تطبق ما كتبه بالمسطرة، وأن البساطة والتأثير على الناس وكسب القلوب حرفة لا يتقنها الكثيرون؟؟… نحن كنا ضيوفاً في بيت كرم… رأينا وشعرنا، وتأملنا، وتساءلنا يا سبحان الله، أما يزال مثل هذا الجمال متوفراً؟ هل سبق لك أن رأيت جدران منزلٍ تبتسم أسقف بيضاء تعانقك في حب وشغف، وكأنها تقاسم أهلها اللطف والرقة، وكأنها تسلم عليك في بذخ ورقي وحنان..
رائع أن تقضي ليلة راحة بعد عام من الضجيج والعمل والتعب في صحبة هذه القلوب النقية البديعة التي تكسر معادلات الحساب وتلقي بالأرقام وتُنكر حقيقة أن واحداً زائد واحد يساوي اثنين فقط، بلا فواصل ولا حواشي ولا باقي… رائع إحساس نقاء النفس وبساطة اللقاء وبشاشة الوجه دون مقابل، يجعلك تحدث نفسك كلّها تكون بشرى عام جديد مضيء في حضرة هذه النفوس المحبة للحياة.
ليس بوسعك أن تصف تلك الوجوه البسيطة التي تأتيك فجأة، تجلس معك وترشف فنجان قهوة دون إستئذان أو تخطيط مسبق، ليس بيدها ورقة ولا في جيبها شيك يبحث عن توقيع، ولا على جبينها جداول حسابات وأرقام وطلبات ومصلحة وكروت توصية…
لقاء بلا غاية في نفس يعقوب، فتخلق في رحابها وعفويتها إلى عالم بعيد عن أرضنا، ربما هو القمر، أو نجمٌ بعيد في رحلة مكوكية ممتعة، تحرك فينا شيئاً، ترغمك أن تبادلها الحب فتشعر من أجلها الخوف… تدعو الله تعالى أن يقيها نوائب الدهر وتقلبات الزمان… وأن لا يغير عليها الحال…
هو مشهد راقٍ في زمن الإبتسامة الملتهبة والعلاقات المحسومة والمفاعلات النووية البشرية المزروعة خفية وخلسة من أجل معارك قادمة ضارية بعضنا مع البعض الآخر… هي ساعات تحضر وترسم على جدار قلبك فرحة ودهشة وألف علامة تعجب، تثير حفاوتها وطيبها في هذا الزمن ألف سؤال وخاطرة، هل ما تراه أعيننا وتلمسه قلوبنا حقيقي؟ لكن حين تتبع البساطة في القلب، حين ترى الجزء الواضح من الصورة وتترك الباقي على الله تعالى تعيش في سلام وسعادة، قلةٌ هم من يفعلون ذلك، قلة من يوصدون الأبواب بألف قفل أمام الشكوك والظنون…
نحن كنا ضيوفاً في بيت بسيط بكل ما فيه، بزواياه وتفاصيله ورغم جماله وأناقته ورقية وحنوّ أهله إلا أنه يخاطبك في إبتسامة تقول لك له الدنيا بخير ونقاء وجمال وبساطة… إن قابلت مثل هؤلاء، احفظهم في خزينة العمر… كل عام وأنت تسكن قلب إنسان…
مقالة من مجموعة مقالات الكاتب “ثامر عدنان شاكر” وجاءت تحت عنوان “ذات سهرة”، جاءت وكأنها إستراحة محارب، لتزرع في دفء معانيها وأحاسيسها وردة أمل في حياة إنسان قدره أن يعيش في هذا الزمن…
صال الكاتب وجال في هموم الأوطان… واسترسل في عرض خطوب الزمان، ودار حيث دار ويدور… استجلى همّ المواطن العربي بحسّ الناقد الإجتماعي، في محاولة لتصحيح أوضاعه عامة… توجه إلى مواقع السلطة ليقول ما يجب أن يقال في هذا الزمن الذي لا بد للإنسان حتى الإنتفاضة على نفسه… لوّن مقالاته بإستحضار القصيبي وروحه… وصنع من الكلمة… من العبارة ومن الفكرة مواضيع جريئة في طروحاتها وإستدلالاتها وإستنتاجاتها وغنية في معانيها وبليغة في إستشفافاتها…
صنع الكاتب من مقالاته موقعاً يضاهي فيه تويتر… الفيسبوك وكل ما أنتجته عائلة الكمبيوتر من أولاد وأحفاد… إنه موقع الإنسان العربي الذي يحاول اللحاق بالزمن ليحقق وجوده في زمن الإلغاء.