تحميل كتاب نافذة مشرعة على القلب pdf
الكاتب: محمد الفاضل
التقييم:4.00
إطلالة على رواية نافذة مشرعة على القلب بقلم عاطف عبدالعزيز الحناوي
أسعدني كثيرا أن أقرأ إبداع كاتب عربي , يقيم خارج حدود الوطن العربي , و برغم كل هذه المسافة , التي تفصل بين المبدع و أرضه الأم , إلا أنه متمسك بفصاحته , و أسلوبه العربي الرصين , و يظهر ذلك جليا في عنوان الرواية “ نافذة مشرعة على القلب “ و في عناوين الفصول , و حتى تلك الجمل الحوارية القليلة , في أثناء أحداث الرواية , جاءت بلهجة شامية جميلة , بما يؤكد شدة الانتماء و الاعتزاز بالهوية , رغم العيش في بلد بعيد و غريب عنا في كل شئ تقريبا , اللهم إلا أننا كلنا بنو آدم و حواء .
ما أكثر ما تفرض الحياة على الإنسان , أن يعيش في منفى اختياري أو إجباري , و ما أقسى الغربة و الشتات و ما أبعد تأثيره في النفوس حتى نرى السارد , يشتاق إلى أيامه الأولى , و إلى جدته الحبيبة و أقاربه , و نراه يصرخ أنا إنسان .
أقول إن رواية “ نافذة مشرعة على القلب “ للكاتب الأستاذ محمد الفاضل , العربي الأصل السويديّ الإقامة و العمل , تزخر بالكثير من الجمال , لأن لغتها سهلة , و محببة للنفوس , و القصة يغلب عليها الحديث بصيغة ضمير المتكلم , كمثل الكثير من الروايات السيريّة , و إن اختلف عن ذلك طه حسين – عميد الأدب العربي – في كتاب سيرته الذاتية “ الأيام “ حيث غلب عليه التعبير, بصيغة ضمير الغائب , و كأنه يتحدث عن حياة إنسان آخر, حتى إنه كان يسمي نفسه “ الفتى “ , و لكن محمد الفاضل , في نافذته المشرعة على القلب , يضعك منذ اللحظة الأولى , و حتى النهاية , أمام ذاته , ليكشف لك عن أحاسيسه و انفعالاته , بشكل حميميّ كاشف, بل و يترك النهاية مفتوحة , ليكمل كل قارئ بقية الأحداث , فما عساه سيحدث بعد الصدمة , و المفاجأة , التي يفجرها الأديب , في آخر سطور روايته , لا شك هناك المزيد من الأحداث , و في ترك النهاية هكذا , مزيد من المتعة العقلية , و الوجدانية , و مزيد من الاحتمالات و العذابات .
و الرواية تعتمد على الأسلوب الأوليّ للرواية , أي البداية من نقطة ما , و السير قُدُما في الأحداث , حتى النهاية , في خط مستقيم , و في اتجاه واحد , بدون انحناءات , و لا ما عرفناه في الأساليب الحديثة للرواية , كالواقعية السحرية , و غيرها , و المزج بين أسلوب الرواية القائم على السرد و الحكي , و أسلوب الشعر القائم أساسا على التصوير و التخييل , و ربما الذي دفع كاتبنا إلى استخدام هذا النمط من الكتابة , هو سعيه لتوصيل رسالته , و تجربته مباشرة , و كأنها رسالة من القلب إلى القلب .
و في الفن يمكن أن تتعايش الأساليب كلها , بل و قد تتعاون , و لا ينفي أحدها الآخر, أو يعطله لهذا فقد اختار الأستاذ محمد الفاضل , هذا التكنيك في الكتابة , و قد أجاد فيه كما أجاد الكلاسيكيون الكبار , و ما زالت أعمالهم الفنية خالدة , و ممتعة لنا , حتى الآن , لأنها أعمال أصيلة , تفيض عذوبة و صدقا , و هذه حسنة كبرى , تميزت بها الرواية التي بين يديك , أيها القارئ الكريم , و أشهد أن “ نافذة مشرعة على القلب “ استغرقتني , من بدايتها لنهايتها و قرأتها بشغف كبير .
أثار الكاتب عددا من القضايا , الأسريّة و الاجتماعية و الجغرافية و السياسية و الطبّية , و مزج هذا كله بأحداث الرواية , مزجا بديعا بلا افتعال , و إني على ثقة , أنك ستجد بين دفتي الرواية , الكثير من المتعة و الفائدة , رغم أن الرواية قصيرة بعض الشئ , و كم أحببت لو أنها صارت أكثر طولا من ذلك , لأستمتع بالمزيد من الجمال , و أحسب أنك ستشاركني الرأي , أيها القارئ العزيز .
القارئ الكريم …
أتركك الآن لتطل من النافذة المشرعة على القلب , لتعيش و تتفاعل شخوص الرواية , و تحاورهم و يحاوروك , في هذه الرواية الجميلة , برغم ما فيها من أحزان .
كل المحبة و أطيب الأمنيات , للكاتب العربي محمد الفاضل , بمزيد من الإبداع و التألق , و مزيد من القوة , و الثبات , و الإيمان بقوة الفن و خلوده , الذي يربو على قوة الحياة و بقائها .
عاطف عبدالعزيز الحناوي
الإسكندرية – مصر
8 أغسطس 2016 ميلادية
5 ذو القعدة 1437 هجرية