تحميل كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة pdf
الكاتب: عبد الرحمن بن صالح المحمود
التقييم:4.21
وأصل هذا الكتاب رسالة قدمها الكاتب إلى كلية أصول الدين بجامعة الامام محمد بن سعود قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بتاريخ
1951409 ونال عليها درجة الدكتوراه
هذا الكتاب جعله كاتبه سفرا من الأسفار إذ تبلغ عدد أوراقه قرابة ألف وخمسمائة صفحة ليشرح فيه بالتفصيل تلك القضية المهمة التي ترى فيها أمرا عجبا أن كل الفرق التي اختلفت عن منهج أهل السنة والجماعة في بعض الخلافات العقائدية أنها تدعي أنها وحدها تمثل منهج أهل السنة وان أصول مذهبهم تقوم على الكتاب والسنة ولكن بالتطبيق العملي يظهر أن هناك ابتعادا كبيرا بين ما يقولون وبين ما يعتقدون ويفسرون.
وبالمثل قامت حديثا تيارات فكرية ومذاهب فلسفية متباينة تحاول اخضاع الأصول والنصوص الإسلامية لتوافق كثيرا من النظريات والمذاهب السائدة التي يريد لها أعداء الإسلام أن تسود مثل تيار القوميين والعلمانيين وكذلك تيار أهل البدع من أهل الاعتزال والكلام والتصوف وهم امتداد واصح وقوي لمن سبقهم من الطوائف , ولاشك أن أخطرها الأشعرية والصوفية فلهما امتداد عريض في اماكن مختلفة في العالم الإسلامي , وساعدهم في ذلك تبني كثير من الجامعات الإسلامية للمذهب الاشعري واستمرار تبني هذا المذهب من خلال دروس المشايخ منذ قرون مضت وربطه في الغالب بالمذاهب الفقهية المشهورة وساعدهم أيضا زفرة الكتب والمراجع التي تخدم هذا المذهب بالإضافة للترابط والامتزاج بين الصوفية والاشعرية .
ولهذا كانت هذه الرسالة وهذا الكتاب ليحاول معالجة خطا شائع بان مذهب الأشاعرة قد اشتهر بين الناس بأنه هو الذي يمثل اعتقاد السلف ثم ليبين موقف علماء المسلمين وعلى راسهم شيخ الإسلام ابن تيمية لأنه أول من تصدى بقوة للمذهب الأشعري وخاصة انه ولد في عام 661 هـ وتوفي في 728 هـ مما وفر له وسائل الاطلاع على ما انتهى إليه هؤلاء الأشاعرة في شرح مذهبهم ولهذا تميزت ردود شيخ الإسلام بالقوة والعمق والشمول.
فبدا الشيخ تمهيده المنفصل ببيان مذهب السلف وأهل السنة والجماعة لكي يظهر من خلال تمهيده من يمثل أهل السنة والجماعة حقا حتى يبطل استدلال الأشاعرة بأنهم هم أهل السنة , ثم بدا في بابه الأول بتفصيل عن ابن تيمية كترجمة وشرح لعصره والأمواج المتلاطمة من الأفكار التي عاش بينها ثم ترجم لأبي الحسن الأشعري ولعقيدته وبيان الأطوار التي عاش فيها وتحرير السؤال حوا ما كانوا طورين أو ثلاثة أي أن رجوعه لمذهب السلف هل كان رجوعا كاملا أم بقيت عليه بقية من أقوال أهل الكلام ثم فصل في الأشعرية نشأتها وشيوخها وأسلافها الكلابية وعلاقة الأشعرية بالماتريدية ثم ختم بتطوراتها .
وبعد مائتي صفحة ونيف من تلك المقدمة بدأ الكاتب في فصله الأهم وهو منهج ابن تيمية في الرد على الشاعرة , فبدأ بتحرير أول المناهج التي سببت في الخلاف بين الأشعرية وأهل السنة والجماعة وهي مسائل محددة مثل تعارض العقل والنقل ومسالة حجية خبر الآحاد في العقيدة وبيان خطا علم الكلام المذموم وبين ان مذهب السلف اعلم واحكم واسلم .
وكان ابن تيمية في غاية الانصاف معهم فاثنى على مخالفتهم لأهل الاعتزال في امور وموافقتهم لهم في امور أخرى , فيقول رحمه الله في ميل الأشاعرة للاعتزال “ وكان الأشعري أعظم مباينة لهم في ذلك من الضرارية حتى مال إلى قول جهم في ذلك لكنه كان عنده من الانتساب إلى السنة والحديث وأئمة السنة كالإمام أحمد وغيره ، ونصر ما ظهر من أقوال هؤلاء ما ليس عند أولئك الطوائف ، ولهذا كان هو وأمثاله يعدون من متكلمة أهل الحديث وكانوا هم خير هذه الطوائف وأقربها إلى الكتاب والسنة ولكن خبرته بالحديث والسنة كانت مجملة ، وخبرته بالكلام كانت مفصلة , فلهذا بقي عليه بقايا من أصول المعتزلة ، ودخل معه في تلك البقايا وغيرها طوائف من المنتسبين إلى السنة والحديث من اتباع الأئمة من أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد “ [1] .
ثم ذكر الكاتب فصلا كاملا وكبيرا نقل فيه ردود شيخ الإسلام على أقوالهم على سبيل التفصيل وذلك تقريبا في كل مسائلهم في جمع موفق فجعل مبحثا لردوده عليهم في مسالة توحيد الألوهية والربوبية وآخر في ردوده عليهم في الأسماء والصفات وثالثا في مسائل القضاء والقدر ورابعا في مسائل الإيمان وردوده عليهم في ميلهم للإرجاء وخامس فيه عرض لبعض المسائل المتفرقة التي خالف فيها الأشاعرة مذهب أهل السنة والجماعة .
وختم الكاتب بحثه القيم بعدد من النتائج التي وصل لها ومنها
- أن مذهب السلف يقوم على أسس وقواعد ثابتة عمادها الكتاب والسنة والإجماع.
- عصر شيخ الإسلام كان عصرا مليئا بالأحداث الجسام ولكن الشيخ كان فيه علما بارزا وإماما عظيما وكان له اثر واضح في تلك الأحداث السياسية منها والعلمي.
- ظهر الشيخ في مواجهة عدة فرق منحرفة في آن واحد مثل الباطنية والرافضة والصوفية والمعتزلة والاشاعرة وغيرها وظل يدافع عن منهج أهل السنة والجماعة أمامهم جميعا وترك عشرات المجلدات للرد عليهم وتصحيح عقيدة الناس.
- كان لشيخ الإسلام منهجه الواضح في الرد عليهم وهو اعتماده فقط على الكتاب والسنة وأقوال السلف فلم يظهر عليه تغير ولا تبدل في افكاره ولم تتغير قناعته إذ انه كان واقفا على اصل ثابت في حين حدث تبدل كثير لخصومه فاقتربوا من بعضهم وابتعدوا في كثير من المسائل.
- مؤسس المذهب الأشعري كان أقرب من مذهب السلف ممن جاء بعده من أتباعه.
-لم يترك شيخ الإسلام الجبهة الداخلية الفكرية ليقوم بمهمة الجهاد للعدو الخارجي كالتتار والصليبيين والرافضة ولم يفعل مثلما يقول البعض بترك خلافاتنا الداخلية للتفرغ للعدو الخارجي لان الخلافات الداخلية لم تكن في الفروع بل كانت أيضا في الأصول العقائدية التي لا يمكن أن تهمل.
- انصف شيخ الإسلام الأشاعرة كثيرا واعترف بما قالوه موافقا للحق ولهذا ربما وصل لكثير من طلبة العلم ان الشيخ يثني على الأشاعرة من خلال قراءة بعض فقرات من مناقشته لرايهم واقوالهم ولكنه كان من انصافه ان قسم مسائلهم فما وافق الحق اثبته واثنى عليه وما خالف الحق رده واعلن ذلك
- كانت الردود عليهم ردودا علمية خالصة مقعدة ومؤصلة ومفصلة فناقش تلك المسائل مناقشات طويلة مستفيضة.
- أثبتت ردود شيخ الإسلام ان مذهب الأشاعرة ملئ بانحرافات في جانب العقيدة ولهذا فهذه الكتب لا تصلح ولا يجوز ان تكون مصدرا لتدريس عقيدة أهل السنة والجماعة مهما ادعي ذلك.
وفي الختام فهذا والكتاب أكبر من أن يلخص أو تجتزئ منه نصوص لكونه كله استشهادات بأقوال الأشاعرة وردود ابن تيمية عليها إلا انه حسن التقسيم ويعتبر مرجعا هاما وضروريا لكل باحث أو طالب علم في علوم العقيدة وخاصة في موضوع.
وأسال الله أن يتقبل من صاحب الكتاب هذا العمل المجهد والمضني والذي استلزم منه كثير وقت وجهد وبحث ومثابرة.
نقلا عن مركز تأصيل للدراسات