تحميل كتاب من جحيم الكوميديا pdf

تحميل كتاب من جحيم الكوميديا pdf

الكاتب: خليل حاوي

التقييم:3.83

تاريخ النشر: 10-7-1979
Goodreads

من جحيم الكوميديا – خليل حاوي

دار العودة ـ بيروت

الطبعة الأولى ـ 10 7 1979

منقول من الانترنت


قطار المحطّة

مازال من عامٍ

يُراوحُ في محطّته قطارْ

يَفري على الخطّينِ

أشلاءَ الصغارِ مع الكبارْ

. . . .

في زحمةِ القتلَى

على كفنٍ وتابوتٍ وبئرٍ ضيّقهْ

عاينتُ خطّاً يَمّحي

بين الزمانِ ولا زمانْ

عايَنْتُ خطًّاً يمّحي

بين التوهمِ والعيانْ

أعددتُ للأعمار في الدنيا

جنائزَ مطلقَهْ

. . . .

أوغلتُ في نَفَقٍ

من الهولِ الثقيلِ إلى المبيتْ

صوتٌ جريحٌ يستجيرُ ولا يُجارْ

تتفتّقُ الأصداءُ

عن شررٍ يشيعُ مدى السكوتْ

أُمي العجوزُ

يَعَضُّها ظنٌّ، يرسِّخُهُ انتظارْ

وتكادُ من جَزَعٍ تموتْ

. . . .

راوَغتُ طولَ الليلِ

غولَ مؤامراتٍ واغتيالْ

يشتَفُّ طعمَ غرائبِ التعذيبِ

ممتعةً، حلالْ

وحمدتُ ذئباً يشتهي

لحمَ الفريسةِ

غضَّةَ الأعضاءِ غيرَ مشوَّههْ،

وبلوتُ لسعَ السوطِ

في جسد البريءِ

وعشتُ في أعضائه المتأوِّههْ

. . . .

لو كان يعصم عفَّةَ الأُنثى امتناعْ

ما غوَّرَتْ دربٌ، مدى الساقينِ،

واسعةً مُشاعْ

تجتاحُها حمّى الحماةِ بلا انقطاعْ

. . . .

بشرٌ يمدُّ لسانَهُ فأراً

ويمخرُ مُزْبِلَهْ

ألعارُ أصلُ طباعِهِ

لن يُخجلَهْ

. . . .

ألسيد المختارُ

يُتقنُ من صراعِ الفكرِ

حالاتِ التشنُّجِ في الصريعْ

يُرغي بحبِّ اللهِ والإنسانِ

والقِيَمِ التي تلِدُ الحضارَهْ

وأرى فروخَ البومِ

تنبتُ في ضميرِ البومِ

تنبتُ في ضميرٍ باعَ نارَهْ

ومضى يَبيعْ

لحماً تبعثَرَ في الشوارعِ

لحمَ لبنانَ ” المخلّعِ ” و ” المنيعْ ”

. . . . .

أُمي تخافُ النّومَ يفتحُ

ثقلَ جفنيها على غضبِ السماءِ،

بلى …بلى … غضبٌ … محالْ،

يا من تعوّدَ أن يُريحَ المتعبينَ،

بلا سؤالْ

. . . .

ما همَّ لو بَكَتِ العجوزُ

ذبيحةً بين الذبائحِ

تفتدي جبلَ الطيوبْ،

تجلوهُ من كيدٍ

تَصلَّبَ في القلوبْ

في البدءِ لم يفتُكْ أخٌ بأخيهِ

لم يهربْ من العينِ الخفيّةِ والعليمهْ

في البدء لم تكن الجريمهْ

لبنانُ سوف يشدُّ يمناهُ على اليُسرى،

يعودُ، تضمُّهُ الأمُّ الكريمهْ

. . . . .

لمَ لا أقولْ

خوفٌ خفيٌّ ينطوي، ينسلُّ

في صُلبِ الفوارِسِ والوعولْ

يدوي فيرتَجفُ الحجرْ

يمضي فيبتسم الضَّجرْ

حرفُ الرغيفِ

يشدُّ أفواهاً تئنُّ، تئنُّ

تلهثُ في مدارْ

ألقى صحابي في المدارِ على احتقارْ

يرتدُّ خنجرُهُ إلى صمتي

ويبتلعُ الوحولْ

قلبٌ يهمُّ ولا يقولْ

لم لا اقول

تتحجَّرُ العينانِ

في صمتٍ يحجّره الذهولْ

إن الفجائعَ مزمِنَهْ

إنّ الغمائمَ

لونَ ياقوت، جمان، أُرجوانْ

وبياضَ حلمِ الطفلِ

يهجعُ وهو يرضعُ في أمانْ،

حلمٌ

يولِّدُهُ سوادُ القلبِ

يُزهرِ في عروقِ موهنَهْ

إنّ الفجائعَ مزمنَهْ

إن الغمائمَ مزمنهْ

أدركتُ سرّكَ

يا أبا الهولِ الذي لا يلتقي

عبرَ الزمانْ

سرّاً أصيلاً يستجدُّ فيعلنَهْ

بيروت 1975

صلاةٌ

* إبليسُ من نارٍ وآدمُ طينةٌ والطينُ لا يسمو سموّ النارِ

* كلابٌ تغاوتْ أو تعاوَتْ لجيفةٍ وأحسبني أصبحتُ ألأمَها كلبا

رنّحتْ إبليسَ

حمّى رئتي، دخنةُ ناري

فالتوى الصاروخُ

عن أهلي وداري

لستُ أنسى الليلَ

في صُحبةِ جاري

كان جاري يَنتشي

بالموتِ في حضنِ الترابْ

وكفّى ما خلّفتْ

من جثث الأمواتِ أنيابُ الكلابْ

أعطني إبليسُ قلباً

يشتهي موتَ الصحابْ

أعطني إبليس قلباً

يشتهي الموتَ التهابْ

وكفى ما خلّفَتْ

من جثث الأمواتِ أنيابُ الكلابْ

. . . . .

أعطني قلباً يُطيقْ

أن يرى جسمي سميناً في الزوايا

ويرى جسمي طريعاً في الطريقْ

وكفى بالجامحِ الملجومِ

أن يبلو فراغاً

يتلوّى فيه من ضيقٍ لضيقْ

. . . .

أعطني إبليس قلباً لا يهابْ

جبلاً يغمرُهُ هولُ المهاوي

وجنونُ الجنِّ يحتلُّ كهوفَهْ

علّني ألقى خلاصاً

من قطيع يتفانى حولَ جيفَهْ

غِلُّهُ يعلكُ أكبادَ الضحايا

يتفشّى لطخاً صفراً وزرقاً في بقايا

من جسومٍ شُوِّهَتْ قبلَ الوفاةْ

وتعالتْ نخوةُ الفرسانِ

عن غِلِّ الخفافيشِ الطغاةْ

. . . .

أعطني إبليس قلباً

ليس يعميهِ عويلٌ عند خطِّ النارِ،

تهجيرٌ وغربَهْ

خنجرٌ بين الأحبّهْ

. . . .

أعطني إبليس قلباً

لا تغشِّيهِ الظنونْ

وانخطافاتُ الجنونْ

طالما عاينتُ أعمارا تهاوتْ

تتجلّى

في مدى عمري تغنّي تتملّى

بركاتِ الكونِ

ينبوعاً وشمساً ودراري

ودويَّ الجوهرِ الوهّاجِ

في وعر البراري

ومواني فضة يمخُرُها

زهوُ السواري

. . . .

أعطني إبليس قلباً يتعرّى

من ظلامٍ لامعٍ يطفو على وهجِ السرابْ

أعطني إبليس قلباً

يشتهي الموتَ التهابْ

وكفي ما خلّفَتْ

من جثث الأمواتِ أنيابُ الكلابْ

بلادُ الغربتين ِ

في مطار عربي خلال الأحداث الجارية في لبنان

جبهتي، لوني، لساني، وَ يدي

خلَعَتْ حولي

مُناخاً عربياً، صافياً

من بلدي

. . . . .

و تهاوتْ عَبرَ أشداقِ الخفيرْ

بين عينيَّ

ملفّاتٌ من المَكرِ الأجيرْ

واكتوَتْ أُذني

بِغُصّاتِ البلاغَهْ

وصِراعًٍ بين لفظٍ أعجميٍّ عربيٍّ

في الصياغهْ

. . . . .

ليس لي في الأرضِ

دربٌ، موطئٌ، سَقفٌ، سَريرْ

فاتني حظُّ الأسيرْ

أسعفي يا طعنةً

ترحمُ شِلواً يتدلّى

ويداً تخفي جبيناً

يتّقي { كلا وكلا ثم كلا }

وعُيوناً تتملّى

من مَطلاّت الحصارْ

طائراتٍ وَ مطارْ

. . . . .

أسعفيه فاحماً جَهماً كسيرْ

غرِّبيه في مطاوي غَيْهَبٍ

يَمضي ولا يدري

إلى أينَ وأينَ

حسبه أن تطلقيه

من جحيمٍ في بلاد الغربتينْ

في الجنوبِ

جولي سبايا الأرضِ

في أرضي

وصولي واطحني شعبي

جولي وَصولي

واطحني صُلبي

لن يكتوي قلبي

لن يكتوي قلبي ولنْ يَدمَى

تنحلُّ حمَّى العارِ

في غيبوبةِ الحُمّى

لن يكتوي قلبي ولنْ يَدمَى

قلبي الأصمَّ الأبكمَ الأعمى

العجيبةُ

ألفَ اليباسَ معَ الصقيعْ

عبرَ الدوربِ، وفي الوجوهِ المُغلَقهْ

هلّتْ عليه مع الربيعْ

بعضُ البَراعمِ موُرِقَهْ

وبكى لرائحةِ الصغارِ السُّمرِ

واشتعلَتْ دموعْ

. . . .

شدَّ المخلّعُ جسمَهُ

ليعودَ، لن يطوي مشيبَهْ

في جوفِ غُربته الغريبهْ

درَّةُ المدينةِ

يومَ تهادَتْ دُرَّةُ المدينَهْ

عارمةَ الأمواجِ والأبراجِ

في سكينهْ

لم تنسحبْ خلف خُطاها

الدربُ، والجدرانُ، والشجرْ

. . . .

كيف اهتدتْ

للشاعرِ المغلولِ في غُربتهِ الحزينَهْ

لكومَةِ الضجرْ

كانتْ له الإبحارَ في

الريحانِ والسحَرْ

ريحٌ

تعولُ الريحُ وتَعوي

مُستجيرَهْ

تعلكُ الغِلَّ الذي

أطلقَها ريحاً مُغيرَهْ

صيحةً في صمتِ سورْ

صَيحةً

يمتصها صمتُ الصخورْ

في سدوم

ـ للمرة الثالثة ـ

أمسي احتراقٌ

واحتراق غدي

وخطوةٌ مرهقةٌ مرهَقَهْ

تهمُّ في الظنِّ ولا تبتدي

في سَبْخَةٍ محروقةٍ محرِقَهْ

. . . .

يَحتَرقُ الترابْ ‍

يحترِقُ الحجرْ ‍

يحترقُ السَّحابْ

. . . .

لا يَلتقي ظلٌّ على أرضها

من غيمةٍ أو نبتَةٍ مُورِقَهْ

. . . .

حوافِرُ الدوابْ

ترصِّعُ الأوحالَ بالحُفَرْ

. . . .

بعضُ البياضِ الشاهقِ البعيدْ

ينحلُّ فيها، يمّحي في رَغوةِ الصديدْ

. . . .

وشهوةِ البشرْ

تشتفُّ ما لا تشتهي

وغيرَ ما تريدْ

ما يَلتوي عَنهُ دويُّ اللهبِ

المسعورِ في الكلابْ

وتلتوي قناطرُ الذبابْ

مسعورةً، تشفُّ عن شرَرْ

. . . .

يَحتَرقُ الترابْ ‍

يحترِقُ الحجرْ ‍

قَطعُ اللسانِ

خلع الرمحُ سنانَهْ

بين كفيِّ خارجيّ

قطعَ الفلسُ لسانَه

وتجلّى في ضميرهْ

ومصيرهْ

بارقٌ ينهلُّ

من ختم أميرهْ

. . . . .

كانَ يمشي مرِحاً

يزهو ويلهُو وَينامْ

نومَ طفل ٍ

يجتني من جنَّةٍ ما يشتهيه

حيث لا تُفزعُهُ

أظفارُ جنيٍّ كريهْ

حيثُ لا تصرخُ في عينيهِ

غصَّاتُ الفطامْ

كان يَلقى وجهَهُ الريّانَ

يلقى ما تعوَّدَ

وامّحى ما كانَ وعراً شاهقاً

في صمتِ صخرٍ يتمرّدْ

لا يلبّي غيرَ جبارٍ

خفيٍّ يتوعدْ

. . . . .

كان قبلَ اليومِ

غِرّاً يتّقي طعمَ الحرامْ

يتّقي منقارَ نسرٍ

ينهشُ الأكبادَ في طبعِ اللئامْ

أُمُّ المصطفى

ولمَ اصطفى ولدي

ضحيتَهُ صريعَهْ ؟

ولم استعارْ

رَحمي، وصُلبَ أبيهِ

للسرِّ المغيَّبِ في البذارْ ؟

أطعمتُهُ لحمي، دمي، عَصبي،

وظلَّ وديعَةً، ولدي، وديعَهْ

وأنا التوجُّعُ والفجيعَهْ

وتروحُ تخترق الغياهِبَ

صيحةً تفنَى

على لهَبٍ يمازجُ زمهريرْ

يتلامع الينبوع

خلفهما

ويعتصم القديرْ

في بابلَ

كنتُمْ صغاراً تافهينَ

مدى الديارْ

صرتُمْ صغاراً تافهينَ

بلا ديارْ

. . . .

وتيسَّرَتْ سِمَةُ الكبارْ

خَتمٌ خفيٌّ

سِرُّهُ لا ينجلي

إلا لعينٍ في سريرةِ كاتِمهْ

إلا لعينٍ في التماعِ خواتِمهْ

يدُهُ التي لم تغتَسلْ

تمتدُّ تغسلُ أدمِغَهْ

وتروح تشحنُها

بما اشتملت عليه المصبَغهْ

. . . .

وجهٌ يُطِلُّ

وصمتُهُ يُدمي، ويحرِقُ، لا يُطاقْ

يا يومَ أنكَرَهُ الرفاقْ

وتراكمتْ كُوَمُ الرمادِ

على موائِدِهِ العِتاقْ

. . . .

كانَ الدّخيلَ

وكان يحمِدُ

ما ترسَّبَ في الرصيدْ

ما يشتري الخبزَ الكفافَ

ولا يَزيدْ

مرَّتْ على يدهِ

عيونُ صيَارفَهْ

ومضَتْ تحيَّتُهم بروقاً خاطفهْ

ختَمَتْ على ما كان يحمِلُ

في الضلوعْ

. . . .

يا يومَ أنكرَهُ الجميعْ

وجهاً يعزُّ على المبيعْ

. . . .

عرَّافهم يُلغي من الأعمارِ

ما حفَرتْ خناجرُ صاعقَهْ

. . . . .

صلٌّ غريبٌ يستريحُ على الشفاهْ

خلف الجباهِ تغطُّ

أقبيةُ الجباهْ

. . . .

خلعَ القطيعُ شرانِقَهْ

أرخى على الأكتافِ

زهوَ عمالِقَهْ

مُناخٌ

دون مَطلَّي ترتمي

مدينةُ العناكِبْ

وترتمي المناصبْ

وفي مُناخِ الصخرِ

والأدغالِ والدوالي

وحيثُ تزهو الحيّةُ الرقطاءُ

باللآلي

تغطُّ في الشمسِ ولا تُبالي

تموتُ عنكبوتْ

تموتُ والعناكبْ

رسولُهُمْ يموتْ

ألمنامُ

يمتدُّ طولُ العامِ بعدَ العامٍ

في المنامْ

تمتدُّ فيه طُرُقٌ طويلةٌ طويلهْ

يغتالُ عمري تعبٌ

يعتصرُ الأعصابَ والعظامْ

وحين أصحو من دُوارٍ

أتّقي سيولَهُ، خُيولَهُ، وغُولَهْ

أبلو مدار الزمنِ المهدورِ في المدى

أبراجَ دُنيا من نسيجِ الوهِ والصّدى

صداقَةٌ

غصّتْ عُروقي بِفُتاتِ الحُبِّ

في لُحمَتِهِ العريقَهْ

ولمْ أعُدْ غيرَ صديقٍ

تلتَقيهِ امرأةٌ صديقَهْ

. . . .

لم يتّحدْ في جسدينا

لهبٌ يشتفُّهُ لهبْ

لم تلتَمعْ عبرَ الخلايا

شُهُبٌ مَغسولةٌ

في صحوةِ السحبْ

. . . .

لو كانَ عُمرُ الحبِّ

زهوْاً مارجاً

يتلو صقيعاً يمّحي

و جفوةً تزولْ

. . . .

أبلو طوالَ الأمسياتِ السودِ

صمتاً، يتلوّى، صرعةً تطولْ

اللفظةُ البسيطةُ

اللفظةُ البسيطَهْ
اللفظةُ البسيطَهْ

تصلَّبَتْ والتهبَتْ

والتهمَتْ عينيَّ حين التهمَتْ

صحوَ المدى، والظلَّ والهجيرْ

لم تبقَ لي من موطني الكبيرْ

ثلوجَهُ، مروجَهُ، خليجَهُ، محيطَهْ

ما خلّفَتْ ذبابةٌ

حطَّتْ على خريطَهْ

. . . . .

أللفظةُ البسيطَهْ

أللفظةُ البسيطَهْ

أرضُ الوطنِ

أغمضتَ عينيكَ على رمادْ

أغمضْتَ عينيكَ على سَوادْ

. . . . .

تغورُ في أرضٍ بلا سريرَهْ

غصَّاتُكَ المريرَهْ

أنتِ

أنتِ يا فرخَ الحمامْ

أنتِ يا زهرَ الغمامْ

وغمامَ الزهرِ في

ضوءِ القمرْ

حين ينهلُّ

على صحوِ السَّحَرْ

. . . . .

أنتِ يا مَنْ تغسِلُ الدُّنيا

رُؤاها

وكَفاها

ظِلُّها الريّانُ

عن وهجِ الدّراري

أنت يا من لا تُداري

لا تُضامْ

لا تُدانيها

كوابيسُ الظلامْ

والضَّواري

ترتوي في ظلِّها الريّانِ

من طيبِ الصيامْ

جسدٌ خفيٌّ

أعطَتْ وروَّتْ وارتَوَتْ ومشَتْ

على جسدي الصّريعْ

وزحفتُ أشتمُّ التي عبَرَتْ

فأعشبتِ القفارْ

وأعاينُ الجسدَ الذي يعصى

على حسِّ البصير مع السميعْ

وتبيحُهُ حالُ التوغُّلِ

في الدُّوارْ

. . . .

وأظلُّ في تيهٍ

أغيبُ وأستفيقْ

والحسُّ يُعولُ

حينَ تلسَعُهُ المجاعَةُ

في العروقْ

. . . . .

عبَرَتْ إليَّ البابَ

عاصفةٌ من المرحِ المرنَّحِ

مجمَرهْ

جسدٌ يَشفُّ عن التوهُّجِ

في نضارةِ جوهَرَهْ

. . . . .

ومجاعةُ الحسِّ الذي يعوي

ويُعوِلُ في لجامٍ يبتلهِ

ولا يراهْ

. . . . .

حفُّ الشفاهِ على الشِّفاهْ

جمرٌ بلا خمرٍ تفوحُ وعَنبَرَهْ

عُكَّازٌ معلَّقٌ

كانَ أقسى ما يَحرُّ

المرتمي المنسيَّ في أرضِ المرارْ

دمعُ قلبٍ ناصعٍ

تمخُرهُ عقربُ نارْ

في خلايا حسِّهِ طعمُ دموعْ

يتوارَى دونَهُ سرُّ الخشوعْ

وإذا بالمرتمي

يرتجُّ، يمشي، يتألَّقْ

ويخلّي خَلفَهُ

أثقالَ رجليهِ وعكازاً معلّقْ

شجرة الدرِّ

إن الجارية التي كانتْ تحت فلانٍ وفلانْ. أصبحتْ فيما بعدْ فوقَ الفوقْ

” عبود ”

عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عوى وصوَّتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ

” المعري ”

ولما شاخَ الملكُ داوود التمس فتاةً عذراءَ، كانت تضطجعُ في حَجْرِهِ فيدفأ

” التوراة. سفر الملوك الثالث ص548 ”

ولمّا جُنَّ الليلُ طلعَ أيبك إلى السرايا فاستقبلته شجرة الدرّ ببشاشة أجلسته إلى جانبها. وحصل بينهما عتابٌ ثم وقع الصفا واستطابَ حتى أتى الصباح. وكانتْ تجهّزُ الحمام في السرايا، ودخلا الحمام فقالت شجرة الدرّ يا ملك الزمان هل رأيتَ البدويةَ أحسن مني شعراً أو أبيضَ مني جسماً أو أحسنَ مني وجهاً ؟ فقال لها لا والله يا شجرةَ الدرِّ أنت أحسنُ منها ومن غيرها ولكن أنت كبيرة أما البدوية فهي صغيرة بنت أربعة عشر. وهذا الكلام يغيظ النساء كثيراً فعندما سمعت منه ذلك الكلام تغير لونها وأضمرتُ له الأذى أخفتِ الكمدَ واللوم، وصارت تسايره في الكلام وتلهيه عنها، ثم خرجت من الحمام لأجل أن تأتي ببعض الحاجات وأتت بخنجر وأخفته داخل فوطتها، ودخلت إلى الحمام وصارت تحكي مع أيبك وتسليه ثم أخذت الصابون وصارت تغسل رأسه وعينيه ووجهه إلى أن ما عاد يرى ما تفعل. ثم سحبت الخنجر وذبحته من الوريد إلى الوريد فسال الدم في الحمام وجرى مع الماء إلى الجنينة.

” سيرة الملك الظاهر ص 143ـ 144 ”

جاريةٌ وجلاّد

1ـ الجلاّد

ما زلتُ أملكها، يقينْ

ما زلتُ أملكها لحين

مازالَ طعمُ السوطِ

يلمعُ في العظامْ

تلتفُّ حول الخصرِ

ومضتُهُ حزامْ

تلتفُّ، تمخُرُ حبّتينْ

من الرُّخامْ

وتميعُ أعمدةُ البروجِ

وتمَّحي، ولمَنْ تُبيحْ

جسداً يجمِّعُ بعضَهُ

في شعرها المجنونِ

من نمِرٍ جريحْ

ولمن تبيحْ

جسداً يُشيحْ

. . . . .

ما زلتُ أملكها لحين

ويهولُني الجوعُ الذي يُغضي

ويبتلع ُاليقينْ

يغضي، متى عادتْ طباعْ

ألجنُّ تملِكها ويملِكها اللعينْ

ونضارةٌ تنسابُ في

الجسدِ العمارهْ

تُلغي دويَّ السوطِ

دمغَتَهُ وعارَهْ

2ـ الجاريةُ

يطوي السرابَ غلالةً

تطفو على سأمِ النهارْ

قلبٌ يطيبُ له البَوارْ

يشتمُّ ريحَ الطيرِ والأدغالِ

تُفرِخُ في الربيعْ

في نزهةِ الجبلِ المخضَّبِ،

حيث يلتهبُ الصقيعْ

. . . .

وجهٌ يجفُّ ويلتوي

ويُعدُّ لي سوطاً

تعوَّدَ يرتوي

مرِحاً رضيعْ

وعِلاً يروِّضُ جفوةَ

الجسد المنيعْ

ولعلَّهُ جسدٌ تحدّرَ من

صفاءِ الكونِ قبل الأزمنهْ

أو قبلَ أن تنشقَّ في الفخذين

هاويةُ الصديدِ المنتنهْ

هيهاتَ … لن أبكي، أصيحَ، أنوحَ

أحتضنُ الوسائد موهنَهْ

. . . . .

ضاجعتُ هولَ المرةِ الأولى

بلوْتُ الهولَ مرّاتٍ

بلوتْ وما أزالْ

أبلو صدى ثلجٍ يفيضُ

مدى العروقِ

يحرُّهُ لهبٌ يفيضْ

لو كان عنفُ الأُفعوانِ

الجمرِ يعبرني اختزالْ

لو كان بعضُ دمٍ يغيضْ

من شجْرَةِ الدرِّ الذي

ينمو وليس تضمُّهُ

رحمٌ تحيضْ

جارية الخليفة

يمتدُّ عبرَ الصبحِ

ميلادُ الغرائبِ في المنامْ

” لمنْ الخيامْ ”

” والقبة الخضراءُ ”

” مأدبةُ الخلافَهْ ”

” أقتاتُ من عَفَنٍ ”

” ترسَّبَ في الرُّصافهْ ”

” تمتصُّ أليافي من الصُّوانِ ”

” رشحَ رطوبةٍ بلَّتْ عروقَهْ ”

” النيلُ؟ كيف تلبّستْ جسدي ”

” مهابةُ لينِهِ ”

” في لينِ حيَّتِهِ العريقَهْ ”

” تمشي ألجهاتُ وتلتقي ”

” ويغيبُ إيقاعُ الزمانِ مع المسافَهْ ”

” نيلٌ شواطئُهُ الرُّصافَهْ ”

. . . .

تختالُ في المرآةِ

عاريةً تُطلُّ ولا تُطالْ

وتروحُ تنبحُها الحواسُ الخمسُ

في شَبَقِ الرجالْ

فتُحيلَُهُ دمعَ الشموعِ

يُضيءُ في ورَعٍ يولِّدُه المُحالْ

تختالُ في درٍّ يشيعُ بريقُهُ

في بهجةِ الخزِّ المرصَّعِ والحريرْ

تختالُ في الإيوانِ

عامرةً وضامرةً عنيفَهْ

تلهو وتمرحُ حين تعتصرُ الأجيرْ

ينهارُ حيث تكوّمتْ

أعصابُ سيِّده الخليفَهْ

الجارية الخليفةُ

جسدٌ يعبُّ النشوةَ البيضاءَ

في موجٍ من الأعناقِ

مركبةً تعومٍ

ويظلُّ زوبعةً توشِّحُها

الحرائقُ والنجومْ

كان الجحيم تثاؤبُ

التبغِ الذي ينسابُ في

سأمِ الحريمْ

ورؤى تغيمُ ولا تدومْ

شاعرُ الخلافة في خلوته

صارَ القناعْ

وجهاً يشفُّ ويختفي

وجهاً يغوِّرُ

لا يُطلُّ ويحتفي

. . . .

صار القناعْ

يطوي الجنينَ

وينطوي في صيغةٍ

تنمو معَهْ

رَحِماً وصُلباً وابتسامةَ مرضِعَهْ

يغدو على الأجيالِ

صفوةَ أقنعَهْ

. . . .

يا من تلبِّسكِ القناعْ

لم تعرفي

فرحَ الصبيَّةِ حينَ يُزهرُ جسمُها

يزهو بزهوِ الشمسِ في

زهوِ الشواطئ والشراعْ

لم تعرفي

فرحَ الصبيّةِ حين تملِكُ

من تُحِبُّ وتصطفي

لم تعرفي

فرحَ البراعِمِ والثَّمَرْ

فرحَ الينابيعِ العميقةِ والشجرْ

لم تعرفي

غير ارتعاش الرملِ

في زبدِ البحارْ

غيرَ التماعِ الدرِّ

في حال المحبِّةِ والنفارْ

غيرَ التبتُّلِ … ويوم طرَّحتِ الجنينْ

طَرْحاً تعلّقَ في الجوانبِ

خارجَ الرحمِ الضنينْ،

وحملتِ من طيبِ الطفولةِ

ما توفِّرُهُ البراعَهْ

طيباً يوشِّحُ فجوةَ الإمتاعِ

والطرقَ المشاعَهْ

. . . .

فيك انتهى سرُّ

القناعِ إلى اليناعْ

وانحلّ في سرِّ

الملامحِ والطباعْ

القاتلة المقتولة

بطلٌ حليفْ

وكفاهُ مني ما يقطّرُهُ

صفاءُ الشمسِ في

عِنَبِ الخريفْ

وكفى الإمارَهْ

وكفاهُ مكرٌ مضمرٌ

ينسلُّ في مرحٍ وتيهْ

في غفوةِ الذئبِ الذي

لا يطمئنُّ إلى أخيه.

أيبك والعذراء

صاغ الطبيبُ مقالَهُ

إن كنتَ توغلُ في

ثلوجٍ من مشيبِ القلبِ

والحلَكَ المخيفْ

لا ترتَعِدْ، ولك البشارهْ

” جسداً طريّاً ترتوي ”

” من جمرهِ الريَّانِ ”

” تُلهِبُكَ النضارَه ”

في الحمّام

فحمةٌ قلبي وجمرَهْ

يتملّى نفحةً من طيبِ خمرهْ

نشوةً ما بلغتْ حمَّى العناقْ

خنجري المسمومُ ترياقُ العراقْ

… رغوة الصابونِ فوري

فورةً تزحمُ فورَهْ

واغمسي عينيهِ في بحر الثلوجِ

إن يكنْ بحراً رتيباً

سوفَ يزهو ويموجْ

صرخةٌ أولى تدوِّي

وتوشِّيهِ سواقي الأرجوانْ

وعقودٌ من عناقيدِ الجُمانْ

. . . .

يا صبايا الحيّ شيِّعنَ معي

خيرَ الضحايا

يا صبايا

خلَّفَ الراحلُ ذكراً لن يزولْ

سوف يُحييهِ إلهٌ يتعالى

وفصولٌ تتوالى

يلتقي في رحم الأرضِ الفصولْ

بطلاً غضَّاً يَصولْ

سوفَ تحييهِ الفصولْ

. . . .

يا بغايا القصرِ ـ والأنثى بغيٌّ ـ

يا بغايا

كان ساقي صولجاناً بارعاً

يلهو بتاجٍ ورعايا

كان قلبي شجْرَةً

تورقُ أظفاراً، نيوبْ

عبثاً أشتفُّ لو يهطلُ ظلاًّ وطيوبْ

علّني أصفو وأحنو

أمّحي في الحبَّ، وحدي

كنتُ وحدي،

أحتمي من لسعةِ الوحشةِ

في صهوةِ مجدي …

… لا، بلى، أحببتُ

في الإيوانِ هرَّه

آنسَ الذئبُ الذي يُؤنسني

أعمى المعرَّه

صرتُ دُرَّاً خالصاً

طيفاً خفيّاً لا يُنالْ

سكرةٌ تصهرُ أضداداً

وتجتازُ مُحالْ

أتلوّى تحت زخَّاتِ نعالٍ

ونعالٍ ونعالْ

. . . .

طالما عاينتُ

أقسى من جنونِ الجنِّ

في عمري، صراعاً

ليس يُجدي

طالما عوَّدتُ عينيَّ

على ظلمةِ لحدي.

درةٌ حمراءُ

يمتدُّ رمادٌ فاترٌ قبلي وبعدي