تحميل كتاب لم أمسس pdf

تحميل كتاب لم أمسس pdf

الكاتب: باسم سليمان

التقييم:3.00

تاريخ النشر: 10-6-2011
Goodreads

لم أمسس” لباسم سليمان موسيقى ليليت الهاربة

محمد العشري

2012-05-16

جريدة النهار

يفتتح الشاعر السوري باسم سليمان مجموعته الشعرية الثانية “لم أمسس”، الصادرة حديثاً لدى “أرواد” للطباعة والنشر في سوريا، بإهداء إلى “نجمة شمالي”، في محاولة جريئة ومستمرة للإمساك بالذات في لحظاتها العارية من كل ما يبعدها عن تأمل ذاتيتها.

لا تأثير من الخارج، ولا خضوع لما يمكن أن يشق مسار الذات الذي اتخذته في العشق، ويدفعها إلى التشظي “قلبي الفارّ من صحن الحبّ أمسكت به يداها وسكينة”.

لا يعتمد باسم سليمان على التهويمات الشعرية الغامضة كثيراً، لكنه يرسم جيداً الصورة الشعرية الجلية، التي تعبّر عن الوجدان، لحظة انخطافها، وتحليقها، وانصياعها إلى موسيقى الشعر، وتناغمها مع ما تفعله القصيدة في الشعور، أو ما ينجم عن القصيدة من شعور متأجج، ومشتعل، يدفع الذات إلى التجلي، والذوبان في الآخر. هذه الصورة يمكن القارئ أن يتوقف أمامها مراراً، وهو يمضى في تأمل القصائد، بكل ما تحمله من زخم “الشعر، شجرة في وسط الجحيم الموسيقى ليليت الهاربة أمّا حوائي فليست سوى غواية البياض ما زال حبري عصيّاً على الخطيئة فلماذا أخصفُ ورقَ الوصال؟”.

التحرر الذي تمنحه القصيدة للذات، يترك أثره نافذاً، فتنبت لها أجنحة لتطير فوق خوفها، وتعبر سماءه وألوانه وأشكاله المتعددة، بلا تردد، متمسكة باللحظات الجريئة، التي تتشكل في الحلم، وتنمو بمرور الوقت، لتصبح صورة من صور البطولة، والرجولة في تحدي الخوف “متحرّراً بعذوبة سقوط شلال الخوف قوس قزح كم هي اللحظات جريئة قرع قلب في المخاض وأنا أعكس صورة هي البرزخ ما بين طفولة تطلّ من أصابعي ورجولة ترعاها الريح في صدري”.

هكذا يعبر سليمان بقارئه مراحل تحول الذات الشاعرة في القصيدة الواحدة، تارة في أحلامها، وطوراً في واقعها، وسعيها إلى الاكتمال بالآخر بممارسة العشق “ادلقي قهوة الشهوة سأرتكب طفولة الحليب في فنجان فخذيك حكماً مؤبّداً كطريق”.

الفعل القوي الذي تتركه القصائد لدى القارئ، أنها تفتح شهيته للمزيد من القراءة، لأنه برغم الخط الدرامي الذي ينسجه في قصائده، ويحاول أن يسير عليه بدقة، يخرج في بعض القصائد عنها، ويرسم صوراً فلسفية، مركزة، ترفع من درجة التأمل وتبعده عن الرتابة، ليرصد الكون من بعيد بعيون الذات الشاعرة “إنّه أمامي كلبٌ يمارس عادته في العظام في ظهيرة كأرملة تطرّز رجالاً لطاولات السفرة بهدوء كمريم في أيقونتها أمامي”. هذا يفسر أن اللعبة – وإن تكن شعرية - لا قانون لها، تحكمها الخديعة، والقدرة على اختطاف الروح، وهي تغرد وحيدة مع ذاتها، وأحلامها، غير واعية ما يدور ويحاك حولها من مكائد “الضفدع بلسانه الذي يسرق الذباب من جيبة الهواء سمح للفراشة أن تمرّ بحقيبتها ليلتقطها العنكبوت”.

يمضي باسم سليمان في غيه، وغوايته الشعرية، متكئاً على مخزون سردي يطعّم به قصائده، ويمنحها القدرة على الترسيب السريع في وجدان القارئ، بتشكيلاته المبتكرة، وصوره الجريئة، وولعه المتلاعب باللغة الشعرية بحرفية عالية، وإتقان يضاف إلى رصيده الأدبي، كما في مجموعته الشعرية الأولى “تشكيل أول”، ومجموعته القصصية “تماماً قبلة” “وإذ تقصّ شهرزاد أَصِلُ سرّة الأرض حبلَ غسيل ممدوداً للسماء أقطعه بصوانه أعقده بشعر الغاوين”.