تحميل كتاب كيبروكو pdf
الكاتب: فتحي بن الحاج يحي
التقييم:3.89
انزوى ذات يوم في ركن من الجامع ليستشير الإمام الجليل في أمر جلل. قال له
- اِنْحِبّْ نْبَدِّلْ اسْمي، هَاذِي السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يا لَلْمَاني، وإلاّ تْقَبَّلْ اللّه يا لَلْمَاني ما جاتِشْ. لُخْرينْ مُشْ خِيرْ منّي. ما يْلَعّْبُونِيشْ.
استحسن الإمام الفكرة رغم عدم استقامة ألفاظها. حدّثه عن حكاية الأسماء عند العرب، حَسَنَها وهَجينها، وعرض عليه أن يختار المستحبّ منها من قوائم السلف الصّالح بداية من أسماء الحيوانات المقترن معناها بالشجاعة والبطش إذلالا لأعداء الإسلام كقولك أبو ليث، والضّرغام، وأبو لُبَدْ، وأبو صَعب كناية للأسد، وأبو سهيل، وأبو عمرو كناية للنّمر وما شابه ذلك من الألقاب. فقال بكلّ تلقائية
- بْرَبِّي أَخْطَانَا يا شِيخْ من حديقة الحيوانات.
فانتقل به إلى سجلّ آخر “آشْ رأيك في فُرسان الرّسول ؟”.
- هذي فَازَه حْلُوَّه، يَعْطِيكْ الصَّحّة.
- كَانِكْ من أوّلْ فرسان الرّسول فهو المقداد بن عمرو بن الأسود، وكان سِيدْنا صلّى اللّه عليه وسلّم يَاسِرْ يْحِبُّو.
- يا شيخ يهديك، هَذَاكَه ça y est… قْفَزْ بيه وِلْدْ زينة.. وزِيدْ نْقُلِّكْ الحقّ… مِنْ غير ما تِتْغَشِّشْ… هذي أسَامِي متاع مْرَاڤزية. شفتو بيّاع السّلامي بجنب الكوشة.. إمّالا.. اسمو مُقداد زاده، وخلِّي الآخر..هذاكا متاع التّلفزة اللّي يبكي في البركون.. ما قال حدّد لحدّ..
لم يغتظ الإمام من كلام الألماني. فهو أيضا ابن الحيّ ومرّ بدوره من هنا قبل أن يتقاطع طريقه مع الاتجاه الإسلامي في نهاية الثمانينات. لم تُغْرِهِ السياسة يوما. كلّ ما في الأمر أنّه انخرط في النشاط الدّعوي اللاّيت light زمن طفرة مجموعات السُّلامية التي اجتاحت الأحياء الشعبية سعيا إلى تغيير ذهنيات العباد والتبشير بثقافة جديدة على الطريقة الغرامشية.. بتصرّف.. (كنّا نقرأها ونحن صغار “بِتَصْرِف” كلّما وردت بين معقّفين بعد اسم الكاتب في نصوص القراءة، ولم نكن نفقه معناها). هكذا وجد إمامنا، حسّان بن المولدي السّبتي، نفسه بين براثن البوليس السياسي بتهمة تنظيم الحفلات بدون رخصة ودون مقابل لفائدة معدمي الحال أو الميسورين نسبيا الذين وجب استهواؤهم للتخلّي عن حبّوبة أو عزّوز ڤـرجم في مقايضة رحيمة يربحون فيها الدّنيا إذ العرض مجاني، ويكسبون الآخرة بما أنّ في الأمر مدائح وأذكار.
قضّى ثلاثة أعوام في السجن في عنبر مساجين الحقّ العامّ، علّمهم فيها الصّلاة، وحكى لهم عن غزوات النبيّ الأكرم، وحِكْمَتِه في الزّواج بتسع، ويقال ثلاثة عشرة، مصاهرة منه للقبائل وفتحا لقلوبها وشرحا لصدورها دون أن ينسى عذاب القبر وملذّات الآخرة طبعا. كان يختم خطبته بـ “آما رَاهُو اللِّي نَاوِي على الثانية، في إشارة منه إلى جنّات عدنٍ وطيب الآخرة، يلزمو يِمْنَعْ من الأولى… ما ثمّة شيء بلاش… كان الڤميلة يا وليدي”. في الأثناء أثرى قاموسه سماعا بمفردات شتّى من نوع التي ينسج منها الألماني نثره.
فرك الألماني شعره وكأنّه تذكّر شيئا ما
- موش حكيتلنا مرّة على عبد اللّه بٍنِ مسعود وقلت اللّي هو كان طيّاره وقريب ياسر من سيدنا النبيّ.
- يا ولدي آش مجيّبك ليه هذاكا تُرجمان القرآن. الرّاجل آفة متاع علم وإنت واحل في أربعة سور قِصار. اسمعني يهديك، إنتِ تْفَرّجْتْ على فيلم الرّسالة؟
- يِفَتَّقْ يا شيخ.
- آش رأيك في حمزة عمّ الرسول؟ على قَدّْ قياسك.. مش هكّة؟ مْضَارْبِي وما يُرْشُفْها لحدّ.
- يِعْجِبْني عبد اللّه غيث.
- آيّا بَرَّه مبروك عليك أبو حمزة.