تحميل كتاب فأر في المصيدة pdf

تحميل كتاب فأر في المصيدة pdf

الكاتب: Ismail Wahdan

التقييم:3.44

تاريخ النشر: 2009
Goodreads

تقديم



قد لا يستوعب القارئ سر حماسي وسعادتي وأنا أكتب هذه الكلمات.
السر ببساطة هو الأمل في المستقبل. فحاضرنا الذي نعيشه، كما تصوره -بصدق- قصص هذه المجموعة، مؤلم وقاس ويكاد يكون قاتلا للأمل. ومع ذلك فإن قارئ هذه النصوص يكتشف أن كاتبيها وكاتباتها لا يستسلمون لهذا الحاضر المأساوي، وإنما يمتلكون القدرة على تجسيد الأمل بوسائل جديدة ربما لم تمتلكها الأجيال التي سبقتهم، وخاصة منذ جيل السبعينات.
أتحدث طبعا عن الوسائل الفنية، لأننا إزاء كتّاب وكاتبات تتحقق في كتاباتهم (هن) النضج الفني رغم حداثة السن. يهمني هنا الإشادة بالقدرة على التقاط اللحظات المأزومة في حياة البشر، الدالة بوضوح على خبرة عميقة بالحياة، والأهم القدرة على تجسيد هذه اللحظات عبر لغة سليمة وصياغة دقيقة ثم الأكثر أهمية البناء الدرامي المحكم.
ليست الدقة والإحكام مهمتين فقط للنوع الأدبي الذي تقدمه هذه المجموعة -أي القصة القصيرة- وإنما للدلالة على الأمل. فهؤلاء الكتاب والكاتبات يعرفون جيدا الأزمات التي يكتبون عنها وقد تكون أزماتهم هم شخصيا. لكنهم -في أغلب النصوص- ينجحون في تجسيدها بتكامل لا يستطيع الوصول إليه إلا من وعى بأزمته، ونجح في السيطرة عليها، وقادنا معه -نحن القراء- في طريق مواجهتها. تماما مثلما كان الفنان البدائي ينتصر على وحوش الغابة بعد أن رسمها أو نحتها مهزومة.
ولكي تتضح الصورة أرجو القارئ أن يقارن بين أبنية هذه القصص -مع تفاوتها- مع الأغلبية الشاسعة من القصص أو النصوص التي تنشر للأجيال الأسبق، حيث التشتت والتشيؤ والتشظي سواء على المستوى الإنساني أو في الشكل الأدبي.
لم أعرف أعضاء التكية إلا من خلال هذه القصص ومن هنا كانت المفاجأة السعيدة. فاليأس المسيطر على الشرفاء في وطننا قد يمنعهم من رؤية ما تموج به أعماق بحره التي قد لا نعرفها، والتي ربما تملك حركة وقوانين غير التي اعتدناها.
من مبررات السعادة أيضا أن المجموعة، التي اختارت كهلا مثلي، ليكتب هذه الكلمات، تحقق درجة عالية من البحث عن تواصل الأجيال بين أعضائها. وفي هذا السياق لا أملك إلا أن أعبر عن بهجتي بنصوص إسماعيل وهدان خاصة -بجانب بقية النصوص طبعا- لأنها تمثل أمل الأمل. فهذا الفتى ابن الاثني عشر عاما لا يمتعنا ببناء قصصه الممتاز وطزاجتها فقط، بل بحكمته البالغة التي ينبغي علينا أن نتعلمها.
صحيح أننا نبدو الآن كما لو كنا فئرانا في مصيدة كما في القصة الأولى، لكننا في الحقيقة، لسنا كذلك. فسوف نلتقي في النهاية، وبعد كثير من الاضطراب والمعاناة، كما في القصة الأخيرة، مع القلادة الفضية.
هل أنا واهم؟ إذا كنت كذلك فالمسئول هو هذه القصص الجميلة.

دسيد البحراوي
2572009
أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب جامعة القاهرة
ومدير ورشة النقد الأدبي بمكتبة كتب خان بالمعادي