تحميل كتاب عن الدين  خطابات لمحتقريه من المثقفين pdf

تحميل كتاب عن الدين خطابات لمحتقريه من المثقفين pdf

الكاتب: Friedrich Schleiermacher

التقييم:3.56

Goodreads

قد لا يكون فريدريش دانيال إرنست شلايرماخر (1768-1834) مصنفاً كواحد من أعظم الفلاسفة الألمان في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر (مثل كانط، هردر، هيغل، ماركس، أو نيتشه). لكنه بالتأكيد واحد من أهم فلاسفة الدرجة الثانية في تلك الفترة. كما أنه لم يكن مجرّد فيلسوف. فقد كان أيضاً من المهتمين بالأدب الكلاسيكي ولاهوتياً بارزاً. انصب جزء كبير من عمله الفلسفي على فلسفة الدين، لكن من وجهة نظر فلسفية حديثة فإنّ هرمنطقيته (أي نظرية التفسير عنده) ونظريته في الترجمة هما اللتان تستحقان القدر الأكبر من الاهتمام. وهذه المقالة سوف تحاول تقديم لمحة عامة إلى حد ما عن فكره الفلسفي. شيء واحد سوف يظهر للعيان عندما يتم ذلك هو أنه على الرغم من أنه يدين بأمور فلسفية هامة لكثير من أسلافه ومعاصريه (بمن فيهم اسبينوزا، كانط، فريدريش شليغل، وشيلينغ)، فقد كان قبل كل شيء يسير على خطى فلسفية لسلف واحد على وجه الخصوص هردر.<br />1. حياة ومؤلفات<br />ولد فريدريش دانيال إرنست شلايرماخر عام 1768 في بريسلاو لأب هو رجل دين إصلاحي. تعليمه الأولي كان في مؤسسات تابعة للأخوة المورافيين (Herrnhuter)، وهم طائفة ورعة بالمعنى الدقيق للكلمة، حيث كانت له أيضاً على الرغم من ذلك اهتمامات إنسانية أوسع. وإلى حد كبير نتيجة للشكوك حول بعض العقائد المسيحية التي كانت تُدرّس هناك، انتقل عام 1787 إلى جامعة أكثر ليبرالية في هالّه. ومع ذلك، استمر في اللاهوت (مع دراسته للفلسفة وفقه اللغة الكلاسيكي كمجالين ثانويين). اجتاز الامتحانات اللاهوتية خاصته في برلين عام 1790. وأعقب ذلك فترة عمل فيها كمعلم خاص، والتي انتهت عام 1793، وذلك جزئياً على ما يبدو بسبب الاحتكاك الناجم عن تعاطفه مع الثورة الفرنسية (التي كان صاحب العمل معارضاً لها).<br />خلال الفترات المذكورة للتو كان منشغلاً بشكل كبير بدراسة ونقد فلسفة كانط. وقد توج هذا العمل بعدة مقالات غير منشورة – حول الخير الأعلى (1789)، حول ما يعطي قيمة للحياة (1792-3)، وحول الحرية (1790-3) – التي رفضت تصور كانط للـ”summum bonum [الخير الأعلى]” باعتباره يتطلّب تخصيص السعادة بالصحراء الأخلاقية، ورفض مذهب كانط ذي العلاقة حول “مسلمات “ ما بعد حياة للنفس والله، ووضع نظرية مناوئة لكانط حول الحتمية السببية الجذرية للفعل الإنساني، لكن مع توافق هذا مع المسؤولية الأخلاقية. في العامين 1793-4 كتب مقالتين حول اسبينوزا الاسبينوزية وعرض موجز للمنظومة السبينوزية. وكان الحافز الرئيس على هاتين المقالتين عمل ياكوبي من عام 1785 المسمى حول مذهب اسبينوزا، في رسائل إلى السيد موزيس مندلسون، الذي كان ينتقد الاسبينوزية بشدة، لكنهما تظهران أيضاً تأثير عمل هردر من العام 1787 المسمى الله، بعض محادثات، الذي ناصر شكلاً معدّلاً من الاسبينوزية. في المقالتين يعتنق شلايرماخر نفسه صيغة معدّلة من الأحدية [في الميتافيزيك أي من النظريات العديدة التي تعتقد أن ثمة مادة أو مبدأ فحسب كأساس للواقع أو أن الواقع مكون من عنصر مفرد؛ في الإبستمولوجيا نظرية تقول بتطابق غرض الإدراك ومعطياته] الاسبينوزية المماثلة في الشخصية لأحدية هردر (على وجه الخصوص، مثل هردر، يبدو أنه يميل لأن يستبدل مادة اسبينوزا الواحدة بالمبدأ الأكثر فعالية حول قوة أساسية واحدة). وهو يحاول أيضاً للدفاع عن هذا الموقف بإظهار أنه متصالح مع السمات الأساسية للفلسفة النظرية الكانطية (لا سيما مذهب كانط حول الأشياء في ذاتها). وهذا الموقف السبينوزي-الجديد سيكون في وقت لاحق ذا طابع أساسي بالنسبة لعمل شلايرماخر الأكثر أهمية في فلسفة الدين، حول الدين خطابات إلى محتقريه من المثقفين (1799)، الذي سنقدّم ترجمة له إلى اللغة العربية في سياق هذا الكتاب. مع ذلك، في وفي رفضه بذلك للا-اسبينوزية ياكوبي، يبدو شلايرماخر أيضاً وقد امتصّ شيئاً من جاكوبي والذي من شأنه أن لا يكون أقل أهمية بالنسبة لفلسفته المستقبلية حول الدين الفكرة (التي جعلته خلفيته التقوية دون أدنى شك متقبلاً لها) القائلة إن لدينا نوعاً من الحدس المباشر أو الشعور بالله.<br />خلال الفترة بين الأعوام 1794-6 خدم شلايرماخر كراع في لاندسبرغ. وفي عام 1796 انتقل إلى برلين، حيث أصبح قسيساً لمستشفى. في برلين التقى فريدريش وأوغست فيلهلم شليغل والرومانسيين الآخرين، وأصبح يشارك بعمق في الحركة الرومانسية، فتعاون مع الأخوين شليغل على إصدار مجلة أدبية قصيرة الأجل لكنها مهمة دعيت أثينايوم Athenaeum (1798-1800). من بين مساهمات شلايرماخر بهذه المجلة كانت قطعة أدبية قصيرة من أوائل الكتابات ذات الطابع النسوي والتي حملت عنوان، فكرة من أجل تعليم مسيحي للعقل للسيدات النبيلات. وخلال الأعوام 1797-9 تقاسم منزلاً مع فريدريش شليغل. وبتشجيع من الدائرة الرومانسية لكتابة بيان حول آرائه الدينية، نشر عام 1799 عمله الأكثر أهمية وجذرية في فلسفة الدين، حول الدين خطابات إلى محتقريه من المثقفين (طبعات منقحة 1806، 1821، وهذه الأخيرة تتضمن “تفسيرات” هامة و1831). هذا العمل يسعى إلى حفظ الدين في عيون محتقريه من المثقفين (كان بعض الرومانسيين من البارزين بينهم) عن طريق البرهان، ضمن أمور أخرى كثيرة، على أنّ الخلود البشري وحتى الله إنما هما غير جوهريين بالنسبة للدين، تشخيص السمات الأكثر إثارة للاشمئزاز للدين الحالي على من حيث فسادها على أنها ثقافة برجوازية دنيوية وتدخل للدولة، والمحاججة أن هنالك تعددية نهاية لها للأشكال الصالحة للدين. أكسب الكتاب شلايرماخر سمعة وطنية. وفي العام نفسه (1799) نشر أيضاً مقالة عن حالة اليهود في بروسيا، رسائل بمناسبة المهمة السياسية-اللاهوتية ورسالة مفتوحة لأرباب الأسر اليهودية. في هذا العمل رفض وسيلة مقترحة لإحداث اندماج مدني لليهود من خلال المعمودية (التي، كما يقول، تضر كلاً من اليهودية والمسيحية) ودعا بدلاً من ذلك إلى حقوق مدنية كاملة لهم (بناء على بعض شروط معقولة). وشهد العام نفسه أيضاً تأليف شلايرماخر لمقالة قصيرة مثيرة للاهتمام تحمل عنوان، نحو نظرية لسلوك مجتمعي، والتي لا تقل أهمية عن نقاشه الأول الهام لفن الحوار (الفن الذي قدّر له أن يكون في وقت لاحق مركزياً بالنسبة لمحاضراته الدياليكتيكية). وأخيرا، شهد عام 1799 نشره لعرض نقدي للغاية لعمل كانط، الأنثروبولوجيا. وبخ هذا العرض كانط على وجه الخصوص بسبب فلسفته الثنائية حول العقل، وموقفه السطحي، المخزي تجاه المرأة والشعوب الأخرى.<br />وخلال السنوات العديدة التالية استكمل شلايرماخر عمله حول الدين بعملين منشورين كبيرين كانا أكثر أخلاقية في التوجه العمل ذو الأهمية الخاصة المسمى مناجاة (1800، الطبعة الثانية 1810) والعمل المسمّى خطوط عريضة لنقد النظرية الأخلاقية السابقة (1803). وفي عام 1800 دافع أيضاً عن رواية صديقه فريدريش شليغل الإباحية والمثيرة للجدل (الأمر متفق عليه على نطاق واسع) المسماة Lucinde التي صدرت في العام نفسه وذلك في عمله – عمل شلايرماخر – المسمى رسائل خاصة فيما يتعلق بـ Lucinde فريدريش شليغل – تشكّل نسوية أولية مشتركة جزءاً كبيراً من سبب تعاطفه مع كتاب شليغل. وخلال الفترة بين الأعوام 1799-1804 وضع شلايرماخر مع شليغل مشروعاً لترجمة حوارات أفلاطون. لكن مع مرور الوقت، ترك شليغل هذا العمل لشلايرماخر (والذي ساهم في العلاقات الصعبة بشكل متزايد بين الرجلين بعد عام 1800).<br />ظهرت ترجمة شلايرماخر خلال الفترة بين الأعوام 1804-1828 (مع أنه لم تُترجم كل الحوارات في نهاية المطاف)، والتي لا تزال تستخدم على نطاق واسع وتحظى بالإعجاب إلى اليوم.<br />أثناء وجوده في برلين أقام شلايرماخر علاقات رومانسية مع امرأتين متزوجتين، هما هنرييته هرتس واليانوره غرونوف – أدت علاقته بهذه الأخيرة إلى فضيحة وتعاسة، وهو ما شجع شلايرماخر في نهاية المطاف على مغادرة المدينة. أمضى السنوات 1802-4 في ستولبه. وبحلول عام 1804 كان يدرّس في جامعة هاله. وفي الفترة بين عامي 1804-5، بدأ يحاضر عن الأخلاق (كما سيفعل بشكل متكرر حتى عام 1832). وفي عام 1805 بدأ أيضاً محاضراته الشهيرة والهامة في الهرمنطيقا (التي ألقاها مراراً وتكراراً حتى عام 1833). وفي عام 1806 نشر كتاباً قصيراً يحمل عنوان، عشية عيد الميلاد، وهو عمل أدبي يستكشف معنى المحبة المسيحية من خلال تصوير احتفال أسرة ألمانية بليلة عيد الميلاد (تمشياً مع المثل الأعلى للديانة (المسيحية) في عمله حول الدين الذي هو – المثل الأعلى – متمركز حول العائلة وليس الدولة). في عامي 1806-7 غادر هاله نتيجة للاحتلال الفرنسي، وانتقل إلى برلين. ومنذ ذلك الوقت بدأ ينشط في مجال تعزيز المقاومة الألمانية للاحتلال الفرنسي، وقضية الوحدة الألمانية. وفي عام 1808 تزوج هنرييت فون فليش (أرملة شابة)، التي أنجب منها عدداً من الأطفال. وفي عامي 1808-9 أصبح واعظاً في كنيسة Dreifaltigkeitskirche، وفي عام 1810 صار أستاذاً للاهوت في جامعة برلين، وبحلول عام 1811 أضحى عضواً في أكاديمية برلين للعلوم.<br />بعد أن أصبح عضواً في الأكاديمية راح في كثير من الأحيان يقدّم خطباً أمامها، من بينها خطب عدة حول الأخلاق وواحدة من العام 1831 حول فكرة لايبنتس المتعلقة بلغة عالمية لها أهمية خاصة. وفي عام 1811 حاضَر في الديالكتيك لأول مرة (كما سيفعل مراراً وتكراراً حتى وفاته، حيث كان في ذلك الوقت في المراحل الأولى من إعداد نسخة للنشر). في عام 1813 نشر مقالة قصيرة حملت عنوان، حول الطرق المختلفة للترجمة – عمل هام للغاية في نظرية الترجمة المتأثرة بعمق بتجربته كمترجم. وفي عام 1818 حاضَر في علم النفس لأول مرة (كما كان سيفعل بشكل متكرر حتى العامين 1833-4). وفي عام 1819 حاضَر في علم الجمال لأول مرة (كما كان سيفعل في وقت لاحق في مناسبتين أخريين، كانت الأخيرة بينهما في العامين 1832-3). وفي العام نفسه بدأ أيضاً إلقاء محاضرات عن حياة يسوع (كما فعل مرة أخرى في أربع مناسبات أخرى على مدى اثني عشر عاماً بعدها)، ومن ثم تدشين نوع مهم من الأدب حول هذا الموضوع في القرن التاسع عشر. في عامي 1821-2 نشر عمله الرئيس حول اللاهوت المنهجي الذي يحمل عنوان، الإيمان المسيحي (طبعة منقحة 1830-1). وفي عام 1829 نشر رسالتين مفتوحتين حول هذا العمل (اسمياً كانتا موجهتين لصديقه لوكه)، واللتين ناقشه فيهما وكذلك القضايا المركزية في فلسفة الدين واللاهوت المتعلّقة به بطريقة موجزة وواضحة. توفي عام 1834.<br />كما يمكن أن يظهر حتى من هذا المقطع الوجيز حول حياته وأعماله، فإن نسبة كبيرة من مسيرة شلايرماخر الوظيفية انغمست في فلسفة الدين واللاهوت. مع ذلك، فمن منظور علماني للفلسفة الحديثة فإن عمله في مجالات مثل الهرمنطيقا (أي، نظرية التفسير) ونظرية الترجمة هما الأكثر إثارة للاهتمام. وفقاً لذلك، سوف تبدأ هذه المقالة بهذه المناطق الأكثر إثارة للاهتمام من بين أفكاره، لتتحول بإيجاز فقط لفلسفته حول الدين في نهاية المطاف.

Your browser is out-of-date!

Update your browser to view this website correctly. Update my browser now

×