تحميل كتاب طقاطيق pdf

تحميل كتاب طقاطيق pdf

الكاتب: Mohamed Ateaa

التقييم:3.86

تاريخ النشر: 1-2013
Goodreads

إقلاع آول نحو سماء الشعر

هذه الكتابة أعجبتني من بعض النواحى و آثارت عندي بعض الشك . فمن ناحية يُحسب للشاعر الأستاذ محمد عطية اهتمامه بالشكل ، و مراقبته الهندسية فالإتيان بنص قصير منضبط يكاد يكون عدد سطوره واحداً فى معظم القصائد (حوالى 15 سطر) .

هذا التقشف ليس هدفاً فى ذاته ، لكن القيد يضطر الشاعر إلى التكثيف ، الذى هو غاية الشعر ووسيلته معاً ، أى وسيلة الشعر لأن يكون شعراً بمعنى الكلمة كالعطر ، أو خلاصة العطر ، فى مقابل ماء الكولونيا . اما الإسهاب فهو رذيلة حتى فى النثر .

لذلك لجأ الشاعر إلى “الطقطوقة” ، بدلاً من المعلقة أو المطولة دون داع للتطويل . و الديوان كله عبارة عن مائة طقطوقة أو أكثر ، مقسمة فى طوائف تحتوى الواحدة منها حوالى عشرة طقاطيق . هذا الولع بالهندسة قد يؤدى أحياناً فى هذا الديوان إلى بعض التعمد و التكلف ، ة فرض تقسيم و تبويب فوقى قد لا تكون له دائماً مبررات عضوية ، لكن الاهتمام بالبناء و التكوين فى حد ذاته فضيلة ، لأنه تذكرة لنا أن الفن ليس “تعبيراً” فقط ، عن المشاعر و الأفكار إلخ إلخ .. ، بل هو فى الأصل لعبة ، و استمتاع بتلك اللعبة ، تماماً كالطفل الذى يلهو بالمكعبات و يبنى بها بيوتاً ملونة تسر الناظرين .
هذا من حيث البنية ، أما من حيث الصياغة فهى متفاوتة فى صيبها من الجودة و البساطة ، و تميل فى أغلبها للتأمل و التجريد ، مع حس صوفى واضح . وربما كان خير ختام لهذه العجالة كلمات الشاعر نفسها ، فى واحدة من أفضل طقاطيقه – طقطوقة ف السكوت (ص 18 ؟؟)
طقطوقة ف السكوت
معدش فاضل خطي و لا خطايا
هما يدوبك بصتين ف مراية
و مواويلي ممهونة بتوب الالم
والقلم كتب اللي عليه وعليا
لو عديت ليكي أتوه
ولو عديت ليا أموت
انا مش رسام بحبر ابيض
ولو حتى مدفونة ف تل ابيض
والمقسوم ما بقاش فيه دفا
والحزن مدلي سابني وما قالي
ردني وسكت
ردنى وخرست
وف الاخير انقال لي
عرفتي ليه الحزن بيملي ؟
هنا يتجاوز النص عقلانية التأمل ، و يفور الكلام فيصير غناء ، و يفسح المنطق المجال لسيريالية الشعر الشعبى ، و يخرج النص الوقور عن وقاره ، و يفك أزرار القميص الموشح بالكرافت ليكشف عن صدر إنسانى يتنهد .

بكلمات أبسط ، هذا النموذج هو المثل الأعلى الذى أتمنى على شاعرنا الشاب أن يتأمله من حين إلى آخر ، لأنه يتمرد فيه على الإحكام العقلانى االذى يسيطر به على نصوصه فى العادة ، و التى تحتاج إلى القليل من العفوية و البساطة لتصل إلى سماء سامية من الشاعرية .


بهاء جاهين