تحميل كتاب شرح القصيدة الروح pdf
الكاتب: محمد يوسف رشيد الازهري
التقييم:4.17
إنّ تأمُّلَ اللغة، أية لغة، هو تأملٌ لألفاظها وصور تراكيبها، وصور التراكيب هي حركة المعاني في النفس، فما هي إلا طباع وشمائل الذين يتكلمون بهذه اللغة، وهذا يفسِّر لنا اصطباغ المتعمِّق في لغةٍ بعينها بثقافة وطباع هذه اللغة. فالدراسات التعمقية في الشعر الجاهلي -بوصفه النمط الأول- لا مفر للعربي منها، وإلا كان نكرةً أمام نفسه وأمام الأمم. فإذا عرفنا أنّ القرآن العظيم قد نزل مستعمِلًا هذه التراكيب العربية عرفنا أنّ اصطباغ النفس بطبع هذه اللغة هو أمر إلهي وليس قضية هُوِية مجردة. والقصيدة الروح تعكس هذه الحقيقة؛ فقد ارتجلها عبدُ يغوث الحارثي بعد أنْ قطعوا له العِرْقَ الذي في ذراعه الأيسر، لينزف حتى الموت، وهو مع هذا يشرب الخمر .. وهي طريقة يختارها الكريم لإعدامه فلا يُمتَهَن .. فصدرَتْ عنه القصيدةُ في أثناء خروج روحه، فصارت (القصيدة الروح) .. كيف أخرج الشاعر هذه التراكيب؟ .. كيف فكَّر في الأوزان؟ .. كيف فكّر في القافية؟ .. إنه لم يُفكر، وليس من تفسير إلا أنّ اللغة أخلاقُ قومٍ وسَجاياهم.. إنَّ اللغةَ مُرَكَّبةٌ في صاحبها تركيبَ الخِلقة، فإذا تشرَّبنا لغتَنا فإننا نستردّ أخلاقنا وطبائعَنا الأولى.