تحميل كتاب خطاب الهوية pdf
الكاتب: علي حرب
التقييم:3.66
إن أحادية الأسم والأصل والنموذج، هي فخ الهوية، كما هي مقتل الحرية .لأن هويتنا هي أغنى وأوسع وأشد تنوعاً وتركيباً من أن تحشر تحت عنوان واحد، أو وحيد . إنها أشبه بمسرح لأطياف وشخوص أو لأصوات ولغات أو لقوى وآليات تعمل من ورائنا وتتكلم عبرنا، بقدر ماتفلت من سيطرتنا أو تتعارض مع مشيئتنا . من هذا المنظور، ليست هوية المرء مجرد مماهاة خاوية مع النفس، وإنما هي صيغة مركبة وملتبسة بقدر ماهي سوية مبنية على التعدد والتعارض، وهي عقدة من الميول والأهواء بقدر ماهي شبكة من الروابط والعلاقات، وهي توليفة من العقائد والمحرمات بقدر ماهي سيرورة نامية ومتحركة من التحولات والتقلبات . من هنا لاأتعامل مع هويتي بوصفها مجرد تماهياتي، وإنما أحاول أيضاً أن أرى مايقوم بين التطابقات من المساحات الفارغة والثغرات الفاضحة أو الفجوات السحيقة، سواء على صعيد الأزمنة والأطوار، أو على صعيد الوجوه والأقنعة، أو على صعيد البيئات والأمكنة . الأمر الذي يحيل الهوية إلى محنة من حيث العلاقة مع المعنى والقيمة، أو إلى مشكل من حيث العلاقة مع المختلف والآخر، أو إلى هوة من حيث العلاقة مع الأماني والمطالب . بهذا المعنى ليست هويتنا أكثر من مصالحة مع من لانرضى به أو مع مانتمناه ولانقدر عليه . ولذا فالناجح أو الفاعل على النحو الإيجابي والبناء ، هو من يحسن إدارة اللعبة ويتقن فن التسوية، فيما يخص علاقته بنفسه وبغيره، بخلق مساحات ولغات للتداول والتبادل، على سبيل الإستحقاق والإزدهار .