تحميل كتاب تطبيق الشريعة بين الواقع والمأمول pdf

تحميل كتاب تطبيق الشريعة بين الواقع والمأمول pdf

الكاتب: محمد وفيق زين العابدين

التقييم:4.54

تاريخ النشر: 2012
Goodreads

لقد عاشت بلادنا في ظل الحكم الإسلامي لعقود طويلة من الزمان، وظل أهلها منذ فتحها يحتكمون إلى شرع الله تعالى المتمثل في القرآن والسُّنة، والأحكام التي استمدت منهما باستعمال أصول الفقه وضوابطه وقواعده الكلية التي وضعها الفقهاء المسلمون، مستلهمين الحلول من سوابقهم وسوابق أسلافهم والأشباه والنظائر إذا لم يجدوا في كتاب الله تبارك وتعالى وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم بُغيتهم، وقد اجتهدوا في ذلك أيما اجتهاد، وصنفوا في أصول التقاضي والأحكام والدعاوى ما عجزت سائر الأمم عن الإتيان بمثله، بل سبقوا إلى تأصيل النظريات التي يُفاخر القانونيون المعاصرون بتأصيلها وذِكْرها في كتبهم، وبلغ بهم الشأن العظيم أن كانوا مرجعًا للأوروبيين في المسائل الحقوقية والمعضلات القانونية يفزعون إليه كلما دعتهم الحاجة ليجدوا لدى المسلمين كلمة الفصل فيما يهمهم ويشغل بالهم، وعن ذلك يُحدثنا الأستاذ العلامة علي حيدر رحمه الله - وزير العدلية في الدولة العثمانية، والأستاذ بكلية الحقوق في الأستانة، ورئيس محكمة التمييز (النقض)، وأمين الفُتيا - فيقول [وقد استُفْتِيَتْ دارُ الاستفتاء هذه في بعض الأحوال من قبل دول أوروبا في بعض المسائل الغامضة الحقوقية]

وفي الجملة كانت الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس والأوحد للأحكام حتى نهاية القرن الماضي حين تزايد النفوذ الأجنبي، وأُلغيت المحاكم الشرعية، واستمدت القوانين من مصدر أجنبي غير شرعي لا يتصل بانتماء البلاد الإسلامي ولا بخصائصها الثقافية والاجتماعية التي حددت ذاتية البلاد وهويتها الإسلامية، وكان من الأولى أن تنعكس على القانون الذي يحكمها ويسود فيها، فقانون أي أمة هو مرآة أحوالها المادية والفكرية والاجتماعية، وإذا كان من المفترض أن يكون القانون هو مصدر سعادة كل مجتمع ونهضته كما يقول فلاسفة القانون، فإنه لن يكون كذلك إذا لم يحقق متطلباتهم وآمالهم الثقافية والفكرية والمادية التي تمليها طبيعة بيئتهم الدينية والاجتماعية، بل سيكون وبالًا عليهم، وسيكون مصدرًا لتعاستهم وشقاوتهم لا إسعادهم ونهضتهم

وهذا الكتاب ما هو إلا مساهمة في إماطة اللثام عما دار ويدور من مؤامرات لإقصاء الشريعة الإسلامية بالكلية من أجل قوانين وأنظمة لا تتصل بانتماء البلاد الإسلامي وبحضارتها وثقافتها الإسلامية