تحميل كتاب تبكي الأرض يضحك زحل pdf

تحميل كتاب تبكي الأرض يضحك زحل pdf

الكاتب: عبد العزيز الفارسي

التقييم:3.84

تاريخ النشر: 1-3-2007
Goodreads

نبذة النيل والفرات
“وحيداً كنتُ يا وطني… وأنت معي، تسافر فيّ… تسكنني”. هكذا أدندن بأغنيتي الوحيدة؛ أقصر أغنية عرفها تاريخ الهزائم، وأطول حزن يدمنه الغياب. لا أزعم أني كتبتها ولكن دون شك أهديتها لحناً من دمي وبعضاً من صوتي وسألوني يوماً “من كتبها بالضبط؟” فأجبت مغمضاً عينيّ بكل ثقة “شاعر من زحل”. وامتنعت بعدها عن أي تعليق. أبناء قريتي يمشطون أحاديثهم بأسئلة كثيرة، وتهزمهم الإجابات المقتضبة كالقشرة. ولأنهم يخشون قول “لا نفهم” أو “لا نعرف” تجاهلوا الشاعر الزحلي وتركوني أدندن. أغني لعل الشمس تأتي بدفءِ يذيب الثلج المتراكم داخل النفوس هنا، أو تأتي بنور يقصي ظلام وطني المسجى على الظل. يحمل الليل صوتي إلى حافة الوادي البعيد، حيث حدود قريتي؛ هذه “التي سقطت سهواً من جهنم، وحتماً ستعود إليها “كما قال ذلك” ولد السليمي لأهل القرية في عشيةٍ تنضح البرد. كانوا مجتمعين في مجلس المحيان بن خلف كعادتهم بعد صلاة العشاء. فناجين القهوة المرّة تدور مشعلة قلوب الحضور وحواسهم. أضاف ولد السليمي “يجدر بكم ألا تصلوا أو تتعبدوا، فأنتم لن تحاسبوا ولن تمروا على الصراط. سيأمر الله أحد ملائكته يوم القيامة وسيأخذ هذه القرية بمن فيهان ويلقي بها مباشرة في النار”. لو قدّر لغريب التواجد آنذاك لجزم بأن كل الحضور- بمن فيهم المحيان وجدي، يوافقون ولد السليمي، لأن أحداً لم يزد على السكوت أو هزّ الفنجان وإعادته لخديم الذي كان يصب القهوة. بيد أن مشهداً كهذا جد معتاد خصوصاً إذا تحدث ولد السليمي وعلق على قضايا الساعة في القرية وحتى في هذا المجلس فإن شعور الوحدة يلازمني كوجهي، ولا أشعر بقرب شيء إلا الوطن، أسافر فيه كما أسافر الآن، وأغني أغنية السطر الواحد. البرد والليل ونباح الكلاب وعواء الذئاب لا تزيدني إلا تمسكاً بليل قريتنا هذه. أقف على الشرفة متأملاً النخيل اليابسة حول المسجد، والبيوت المهجوة الممتدة على جانب واحد حتى تنتهي قريباً من بيتي، وتقابلها في صفاً موازٍ البيوت الحديثة التي تعمّد أهاليها إطفاء الأنوار، ربما مواساة للبيوت القديمة المهجورة وحدثا منارة المسجد زينت رأسها بمصباح خافت، يطل على استحياء. في بلادي الشتاء والموت وجهان لنفس الرغبة. وفي النفس، قريتي والقطب المتجمد الجليدي وجهان لنفس الوطن. وهذا الليل يرسم حيرتي دروباً من تلاشى”.

تدخل الرواية في إطار الرمزية من خلال قرية أرادها الكاتب مساحة تخلط فيها الأحاث المعبرة عن الفساد الاجتماعي المستشري بتلك القرية الرمز التي تمثل مطلق مؤسسة اجتماعية. يرسم الكاتب شخصياته بدقة محيلاً إلى كلٍّ منها دوره الذي يلعبه ابتداءً من خالد البخيت المترنم بحب قريته والمحيان بن خلف وعابدة وعبير وولد السليمي وسهيل… ووو…. الأحداث تتداخل وبعض الشخصيات التي تمثل رموزاً دينية تصنع أوهاماً تدخل المجتمع القروي في ضلالات بالإضافة إلى تلك المناخات التي تخلقها العلاقات العاطفية وتلك التي تخلقها العلاقات العاطفية وتلك التي تخلقها الاستشفافات الفلسفية كلها تصور كيف وعند بكاء الأرض يضحك زحل.