تحميل كتاب باب موارب pdf
الكاتب: مريم حيدري
التقييم:3.00
تتعمَّدُ مريم حيدري في لعبةٍ شعرية مُحكمة، تركَ الباب موارباً، في إحالةٍ على عالمٍ غامضٍ يتكشَّف شيئاً فشيئاً بالكلمات، كما لو أنَّ الشاعرة هنا، تحمل كلماتِها كفانوس يزيحُ الظُّلمة عن الدروبِ والطرقِ الصغيرة، عن المدنِ والحارات، عن البيوتِ والغرف، بين الأصدقاء وظلال الغرباء، وخلفَ الأشياء الحميمة التي تؤثّثُ القصائد. هكذا، تروي مريم حيدري سيرةَ الأماكنِ التي نسافرُ إليها ونتركُ أثرَ عابري السبيل، تتعدَّدُ المدن تحت سماءٍ واحدة، من الأهواز، إلى بغداد، إلى الجزائر، إلى كابول، وطهران. حيثُ ترسمُ مريم خارطة عالمٍ نكتشفُ تفاصيله، بخلفيةِ موسيقى فارسية وجرأةِ امرأةٍ تدينُ بالحب أنّى توجّهت ركائبه.
تقول مريم حيدري في أولى قصائدها
الوقتُ مُبَكّرٌ لِلسَّرابِ
ولِلوَهمِ أن يَأتي بِأسبابٍ بَسِيطةٍ،
ليَدخُلَ البَيتَ
الشَّمسُ غَيمةٌ نَاصِعَة
والضَّوءُ ظِلَالُ الشَّبَقِ عَلَى الصَّباح
نَهدَايَ زَهرَتَانِ بَرّيَّتانِ بَينَ الحَرِيرِ
وحَقيبةُ السَّفرِ قَريَةٌ هَادِئَة.
تتميَّز لغة مريم حيدري الشعرية، بانسيابية لا تخلو من الحفر العميق في متونِ نصوص مقدَّسة واستلهام الصور والمشاهد المتعدِّدة داخل النص الواحدِ من كتبِ التراث، أو إعادة تدوير الأساطير واختراقها، للخروجِ بقصيدةٍ خاصّة، تحملُ مواصفات الاشتغال الواعي والمرونة في تجاوزِ الكتابة المباشرة، نحو فضاء أرحب للّغة، والتشبيهات الذكية بقصدِ التقاط الشِّعري في الحواس، وعناصر الطبيعة وأشياء اليومي.
في قصيدة “منطِق الطَّير” كتبت مريم
الطُّرُقُ شَظَايَا مُهْمَلَةٌ
الجُسُورُ أَقْوَاسٌ يَائِسَةٌ
السَّرَابُ شَاحِبٌ
وَأَنَا نِصْفِي حِصَانٌ مُسَرَّج
وَنِصْفِي صُخُورٌ صَامِتَةٌ.
تمضي مريم حيدري من خلالِ سبعٍ وأربعين قصيدة، في تتبِّع خيط الحب الشائك، ولا يهمُّها المآلُ، وهي التي تملكُ جسداً يتمرَّدُ على الغياب، وروحاً تطمحُ أن تصيرَ جسدا، في مرآة الحياة الضخمة، المعلَّقة على جدار العالمِ كبوابةٍ للزمن، تعبرُ من خلالها الشاعرة بحقيبةٍ صغيرة، نجدُ فيها الكثير من الكتب، والنبيذ، والمساءات الكئيبة، والأجراس والفراشات.
“بابٌ موارب” مجموعة شعرية جديدة للشاعرة الإيرانية مريم حيدري، صدرت في 80 صفحة من القطع الوسط، ضمن مجموعة “براءات” التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.