تحميل كتاب الماسونية تاريخها ونظامها .. رؤى نقدية pdf

الكاتب: د. وائل إبراهيم الدسوقي

التقييم:1.50

تاريخ النشر: 1-1-2017

حينما نبدأ في القراءة عن الماسونية، نتعرض لمأزق شائك يتعلق بعدة نقاط مهمة، تثير في مجملها عدة تساؤلات، فكيف نشأت الماسونية، ما هي مبادئها، رموزها وطقوسها، وغيرها من التساؤلات التي تدور في الأذهان. فمصادرنا التي تعطي إجابات محددة قليلة جدا ونادرة، بل إن الماسون أنفسهم غلفوا نشأة جماعتهم بكثير من الغموض، زادت من حالة الخوف العام لدى الشعوب منها.
إن الماسونية تشبه الأبجدية المعقدة، ربما أكثر من الخطوط المسمارية والهيروغليفية، أبجدية سرية في عالم محكم الإغلاق، تحكمه الطقوس والرموز والإشارات واللمسات والدرجات. يقول أحد أساتذة الماسونية، أنه عندما وضع “أندرسون” الدستور الماسوني، أراد أن يخلق لغة كونية من خلال الرموز. وهذا الأمر جعل الماسون يتعارفون بعضهم إلى بعض، ولو اختلفت جنسياتهم ولغاتهم، لأنهم يملكون لغتهم الخاصة إضافة إلى لغات بلادهم.
وتعد الماسونية أكثر الحركات السرية عمقا فى التاريخ، مما جعلها تشغل بالنا وبال المفكرين منذ قرون، محاولين معرفة أصولها وأهدافها وفك طلاسمها، فيسهل فهم مبادئها وتحديدها فى إطار فكري مفهوم، بعد أن تسببت بسريتها فى أن تلتصق بها الكثير من الاتهامات، التي لو ثبتت لاتضح أن تاريخ البشر ما هو إلا ألعوبة فى أيدي الماسون، يحددون مقدراته كما يشاءون بشكل ينفي معه كل القوانين التي تحكم تاريخ البشرية.
ومن المعروف أن التنظيم السري - بشكل عام - يعد بيئة اجتماعية تنشأ عند الحاجة إليها، وبتفرع الحاجات - المراد التعبير عنها - تتعدد صورها باختلاف الجو العام في المنطقة التي ينشأ فيها. واشتهرت التنظيمات السرية في الدول ذات التوجهات الصارمة التي منعت التعبير العلني عن حاجات الناس. لكن جهات محددة اتخذت من السرية ستارا لها حتى في أوقات حرية الرأي والتعبير، وهنا يكون الداعي إلى تلك السرية بأهداف ووسائل غير مشروعة تنوى استخدامها.
ويؤكد المهتمون بتاريخ المحافل الماسونية في الغرب والشرق على حد سواء، أنها أبلغ الجماعات تأثيراً وأفدحها ضرراً على المجتمعات، فتعتبر بذلك من جماعات الضغط التي تتخذ من المشروعات الخيرية سبيلا للسيطرة على المجتمع وتقييده بمصالحها، ولذلك لا عجب أنها استطاعت جذب أعضاء من المؤسسات الدستورية، مثل الجيوش التي تستفيد من رفع مخصصاتها المالية عند التصويت على مشاريع القرارات، فالماسون كأفراد يحصلون على مقاعد في المجالس المختلفة. فيمدون بذلك أيديهم إلى رجال الأعمال والسياسة.
وهكذا، تكون السرية أمرا مفيدا عند وجود التنظيم الذي يسعى لتحقيق مصالحه، بدون أن يتعرض للمسائلة عن أخطائه في الوسائل والغايات. ومعظم التنظيمات السرية الناجحة تنشأ في بيئة علمانية، وكانت دعوة الماسونية إلى التعاون مع العلمانيين، لأن العلمانيين يدعون إلى تحييد الدين. وهذا في مصلحتهم على المدى البعيد، وعندما يكون البلد علمانيا يسهل عليهم الوصول إلى مواقع التأثير، التي كانت مستحيلة بوجود تأثير الدين، لكن ذلك لم يمنعهم من التعاون مع رجال الدين، وانتشار أفرادها بين الصحف والمنتديات، في محاولة للوصول لما يمكن من مواضع الأقدام.
وفي هذا العمل الذي بين أيديكم، نحاول جاهدين تقديم صورة علمية وثائقية عن تاريخ الماسونية ونظامها، بعيدا عن تلك الرؤية التقليدية التي تناولت بها الأقلام مثل تلك الموضوعات الشائكة، لعله ينال استحسان القراء الأعزاء.