تحميل كتاب اللاهوت الأنثوي pdf
الكاتب: صموئيل طلعت أيوب
التقييم:4.00
في الحقيقة إن العهد الجديد كان واضحًا في نبذ التمييز العنصري على أساس الجنس، فنجد ق. بولس الرسول يؤكد أنه ليس ثمّة تمييز أو فرق بين ذكر وأنثى في المسيح ﴿لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.﴾ (غلاطية 283) لذلك نجد اكليمندس السكندريّ يؤكد تساوي الرجل والمرأة على المستوى الروحي في أكثر مِن موضع في كتاباته، فيقول ”إننا نعترف أن نفس الطبيعة تكون في كلا الجنسين وبالتالي يكون لهما نفس القيمة الروحية.“ (strom., IV, 58, 4) وكذلك ق. كيرلس السكندريّ حيث يقول ”«ويتنبأ بنوكم وبناتكم» هذا يعلن عمومية نعمة الله والمساواة التامة مِن جهة هذا الأمر، لأن جنس الأنثى هو في عيني الله ليس شيئًا يمكن طرحه جانبًا طالما هو ناشط في عمل مشيئة الله ويختار أن يكون حكيمًا.“
ويقول أيضًا ”أخبرني، هل الناموس أمر أن تُرفض المرأة مِن البركة باعتبارها جنسًا أنثويًا؟ نحن لا نقول بهذا أبدًا، فإن جنس الأنثى تقدس بالتمام معنا؛ والحقيقة هي أن هذه الأمور كانت أمثلة وظلالاً، فالناموس عندما قال «الجنس المقدس» كان يقصد بفطنة هؤلاء الذين سيصيرون مقدسين في المسيح، وفي المسيح يسوع ليس رجلٌ وامرأة بعد، بل نصير كلنا مِن واحد بقدر ما نحن نتناول معًا مِن الخبز الواحد.“
في الاقتباس الآخير يربط ق. كيرلس السكندريّ بين مساواة الرجل والمرأة في المسيح وسر الافخارستيا. فكيف يمكن أن نمنع المرأة مِن الاقتراب مِن سر الافخارستيا لأسباب فسيولوجية لا إرادة لها فيها ؟ ألا يشجع هذا هؤلاء الذين يلصقون بالكنيسة تهمة التمييز العنصري ضد المرأة؟ فمِن بين تلك القضايا التي يُستدل بها على المكانة الدونية للمرأة في الكنيسة المسيحيّة قضية تناول المرأة الحائض أو النفساء.
مؤخرًا اختتمت قراءة كتاب «المرأة والتناول» للراهب يوئيل المقاري. الكتاب مِن إصدار دير القديس الأنبا مقار، وقد نُشرت الطبعة الأولى مِنه عام 2016م، ويقع في ثماني وثمانين صفحةً.
الكتاب رغم مناقشته قضية هامة إلا أنه على غير المتوقع أبعد ما يكون عن المنهج الأكاديميّ؛ فهو أقرب للمذكرات الدراسية أو التجميعات الطلابية عن كونه بحثًا أو كتابًا فهو عبارة عن تجميعٍ لآراء المعاصرين والغابرين.
إلا أنّ الخدمة الجليلة التي قدمها ذلك الكتاب هي تلك الحالة مِن النقاش والجدل التي وُجدت داخل المجتمع القبطي. فسرعان ما نشر أحد أعضاء رابطة تُعرف بـ «حماة الإيمان» ردًا على الكتاب يُدعى مينا أسعد كامل، وقد جاء رده ضعيف البيّنة، لا يخلو مِن اعتساف. لذلك وجدنا أنه مِن الضرورةِ أن نكتب تعليقًا على ذاك الرد الذي نُشر عليه، وليس هدفنا مِن هذا التعليق الدفاع عن الراهب المذكور وعن كتابه بل مناقشة تلك القضية التي تُثار بين فينة وأخرى.
نشرتُ أولاً تعليقنا هذا على مدونتي الإلكترونية، وقد تجاوز عدد القراء الألفين وسبعمائة قارئ في الأربعة أيام الأولى مِن تاريخ نشره، وقد امتدح البحث العديد مِن الباحثين اللاهوتيين الذين اطلعوا عليه وفحصوه. هنا وصلتني دعوة بتحويل البحث إلى كتاب، لكن الدعوة شملت طلبين هما 1) أن أضيف إلى البحث رؤيتي اللاهوتية لتلك القضية، وقد حاولنا على قدر طاقتنا تَبْيين رؤيتنا اللاهوتية في تلك القضية بين ثنايا الكتاب. 2) أن أغير نمط الكتابة الحوارية، وأن أجعل الكتاب عبارة عن بحث موضوعي لا ردًا تحليليًا على ادعاءات المعارضين. إلا أنني فضلت الإبقاء على نمط الكتابة الحوارية لما فيه مِن مميزات، وهو أسلوب انتهجه آباء الكنيسة الأولين مثل ق. البابا كيرلس السكندري في كتابه «حوار حول الثالوث».
عامةً فإن الكتاب خرج على عجل، ومِن ثمَّ فليعذرني القارئ على أية أخطاء قد يجدها سواء كانت مطبعية أو علمية.