تحميل كتاب القرآن المقدس pdf

تحميل كتاب القرآن المقدس pdf

الكاتب: طيف الحلاج

التقييم:2.83

تاريخ النشر: 2007
Goodreads

“استرجعتها الذاكرة لتعلمها مرة أخرى سبب رحلتها المفاجئة هذه… وإذا بها تحملها اللحظات إلى الدائرة المؤلمة التي أحاطت بها من كل الجوانب… حيث كانت في تلك الليلة قابعة في غرفتها تجرد وتبحث بهمة فيما تبقى لها من ماضٍ كان حاضراً قبل شهور ولّت. فبعد وفاة زوجها سامي الذي لم تكمل عامها الأول معه، وبعد انقضاء شهور العدّة بقليل، شعرت ليلى أن كل الأمور باتت بلا ملامح لأنها اختطفت منها قبل أن تتعرف عليها، مما جعلها تحس أنه لا أمان لهذه الدنيا. تشعر كأنها عصفورة تائهة جريحة ضلت الطريق المؤدي لعشها في يوم عاصف.
كانت ليلى في تلك الليلة منهمكة تدور في غرفتها من أجل أن تعثر على سكينتها التي تفتتت وابتلعتها رياح الأيام العاتية برعونة. ها هي حاجاتها التي جلبت إليها بعد أن أقفل بيتها الزوجي، ومسحت عنه صبغتها إلى الأبد. فقد عادت ليلى إلى حضن أهلها بدون أن تحمل معها حتى خفي حنين، أرملة في عمر الورد، لتعيش مرة أخرى مع والدتها البائسة وأخويها المراهقين إبراهيم ويوسف. كانت ليلى تنظر بألم إلى بعض ملابسها المنثورة في الحقائب، والبعض الآخر مرمية في زوايا الغرفة، حتى أن بعضها ما زال جديداً، حيث اقتناها لها زوجها سامي قبل وفاته بأيام معدودة من آخر رحلة عمل ذهب فيها إلى الخارج، لكن لم تسنح لها الحياة أن ترتدي تلك الملابس الأنيقة، تتطلع بحسرة إلى عطورها ومساحيق التجميل وهدايا العرس، جميعها أصبحت هموماً ثقيلة بالنسبة لها، وعبئاً على كاهليها النحيلين، لا تدري كيف ستخلص النفس من كل ذاك الفهم. كانت تنبش وتنبش بجدية في أشيائها الصغيرة كي تجردها، لأنها عازمة على السفر قريباً إلى أميركا، حيث يقطن أخوها الاكبر نور. فقد قررت أن تهجر هذا البلد الكئيب كما هجره أخوها منذ سنين طويلة. توقفت فجأة، وإذا بالهاتف يرن ويكسر زوايا الصمت في غرفتها، ويثقب حائط السكون في أعماقها، فينتشلها مما كانت فيه…”.

ضمن سرد روائي محبب يتابع طيف الحلاج أحداث روايته “القرآن المقدس” والتي تحكي قصة فتاة اسمها ليلى سلبتها الأقدار زوجها لتتابع حياتها الحافلة بالأحداث التي تشكل الإطار العام للرواية. تتداخل في ثناياها بعض الإشارات التي يقحمها الكاتب لتكون حيناً نقداً سياسياً وأحياناً نقداً اجتماعياً يكشف من خلاله عن المناخات التي تخلقها العادات الاجتماعية والمتوارث الذي شكل لوحة قاتمة في حياة ليلى.

الناشر
“في ذلك اليوم، وبعد أن أوصلت ليلى طبق “المموش” إلى أم الشيخ، وهي تمشي بتلكوء في طريق العودة، شعرت ليلى بشيء ما يدفع “قدميها ويحرضها على المرور عبر زقاق بيت رباب. كان بابها شبه مفتوح. رباب عادة لا تقفل بابها، لان لا أحد يجرؤ على مسه، أيضاً لكي تسهل العبور لزوارها. والأهم لأنه ليس لديها شرف تخشى على هتكه. فذاك القدي الشائك الذي يلف حول أعناق الإناث منذ الصغر قد هشمته ورمت به في عالم المهملات، منذ أن تحولت إلى عاملة جنس.

حرّض ليلى فضولها الطفولي على الولوج في تلك التجربة التي لم تكن في الحسبان. وجدت ليلى نفسها تقرب شيئاً فشيئاً من بيت رباب، حتى وصلته. وإذا بهاجس ما جعلها تدفع ذاك الباب الخشبي بهدوء وتدخل. أرادت أن تلقي نظرة أخرى على تلك المرأة الأسطورية التي لا يقوى أحد حتى على رد السلام عليها. الكل يتوخى الحذر منها”.