تحميل كتاب العلمانية بين التحليل والتحريم pdf
الكاتب: باسل عبدالله
التقييم:3.83
نال مُصطلح العلمانيّة في القرنين الأخيرين حيزاً واسعاً من المُتابعة والاهتمام على الصعيد العالمي، وتنوعت المواقف بشأنه بين المُؤيِّد والمُساند والرافض والمُعارض.
وقد وصل هذا المصطلح إلينا مع بداية عصر النهضة العربيّة، فشكّل مادةً دسمة للنقاش والجدال والتداول في عالمنا العربي، فتبناه البعض كمدخل لتطوير المُجتمعات العربية، بينما هاجمه البعض الآخر مُعتبراً إياه حالة مُنافسة للدين، فأقحِمَت العلمانيّة بذلك في مُواجهة مُعقّدة وفي نقاش بعيد عن جوهر أهدافها الحقيقية وعن مضمون الإصلاحات السياسيّة التي تُقدِّمُها.
*
وقد ذهب بعض المُنظرين، في إطار هذا الربط، إلى تحريم العلمانيّة، مُتَذرِّعين بتاريخ نشأتها وبالمُواجهة التي دارت بين العلمانيين الأوائل وبين السلطة الدينيّة في أوروبا، فاتَهموا العلمانيّة بِمُناوَأة الدين، واتهموا مُؤيديها ببث الفكر الإلحادي، ورُوِّجَ لهذا الاتهام بِشكل مُنظم أدّى إلى تشويه صورة العلمانيّة وفحوى رسالتها الإنسانية.
والغريب في الأمر أنّ بلادَنا العربيّة، أكانت تلك المُتخبّطة في تجاذبات مَذهبية وعرقيّة، أو تلك المُرتهنة لسلطات ديكتاتورية، أو تلك الخاضعة لتدخّلات دُولٍ ذي مَطامع سياسية واقتصادية في شؤونها، هي أحوج ما تكون اليوم إلى أنظمة تُحرِّر الإنسان من كل أشكال التمييز وتُساوي بين الأفراد وتحمي بحثهم الفكري والعلمي وتُزودهم بوسائل المعرفة وتستحدِث السبل الأفضل لتحسين حياتهم وتأمين الراحة والحماية المدنيّة لهم، وبالتالي فهي أحوج ما تكون إلى أنظمة مَدنيّة علمانية.
*
من هذا المنطلق، نُعيد اليوم تسليط الضوء على مُصطلح شهدَ تطبيقاً عملياً كنظام دولة في كثير من المُجتمعات، ونقوم تباعاً، من خلال عناوين هذا الكتاب، بتقديم مفهوم العلمانيّة بشكل مُفيد وسهل التناول للقارئ غير المُتخصص، يُمَكّنه من الاطلاع بشكل أكبر على مختلف التساؤلات التي طرحها هذا المُصطلح على الصعيدين الحياتي والسياسي، وذلك من خلال مجموعة من الأسئلة والأجوبة التي تَعرُضُ وتُعالج العلمانيّة كنظام حياة وكنظام دولة.
***