تحميل كتاب التاريخ الطقسى لسر التوبة والإعتراف pdf
الكاتب: الراهب القس أثناسيوس المقاري
التقييم:4.57
مقدمة الكتاب
هذا كتاب في سرّ التَّوبة والاعتراف، لعله يحكي تاريخ التوبة في حياة الكنيسة -إن كانت التوبة تاريخ يُحكى- كما يسرد أيضاً المراحل اللِّيتورجيَّة التي عبر عليها الاعتراف في الكنيسة.
فالتوبة في الكنيسة هي حياة تتجدَّد كل يوم، وتنمو كل يوم، وتثمر كل يوم. واليوم الذي يعبر بلا توبة، هو يوم غير محسوب من عمر الإنسان الجديد الذي وُلد للكنيسة في المعمودية، ابناً لله، ولابساً للمسيح.
ويشرح الكتاب الذي بين يديك، مفهوم الاعتراف في الكنيسة، وأن غايته الأساسيَّة هي عودة التائب إلى شركة الجماعة، بعد أن انفصل عنها بالخطيئة. ومن أجل ذلك كان الاعتراف في بداياته الأولى علنياً على الجماعة الكنسيِّة كلها، لأن خطأ الإنسان المنتمي إلى جماعة الله لا يصيبه هو وحده، بل يؤثر على الجماعة كلها، ويُحزن قلب الله. لأنه إن تألّم عضو، تألّمت معه باقي الأعضاء، كقول الإنجيل المقدَّس. والألم هنا ليس ألماً جسدياً، فهذا يهون، بل هو ألمٌ روحيٌ، ولا يُسبِّبه سوى الخطيئة.
ولما توقَّف الاعتراف العلني على الجماعة كلها، انتقل إلى اعتراف سري على الكاهن، باعتبار الكاهن ممثلاً للجماعة ونائباً عنها.
وفي كلا الحالتين، أي الاعتراف العلني، أو الاعتراف السِّري، صار الهدف الأساسي منهما هو عودة الخاطيء التَّائب إلى شركة الجماعة، وإلى حضن الكنيسة.
وبعد هذا الاعتراف العلني الذي كان يمارسه التَّائبون العائدون إلى حضن الكنيسة أمام الكنيسة كلها، كان التَّحليل يُجرى لهم أثناء الصلوات الليتورجية، وفي مواضع محددة منها، ومع كل الشعب أيضاً.
ولما انتقل الاعتراف -فيما بعد- من اعتراف علني على الشعب إلى اعتراف سري على الأب الكاهن، ظلت صلاة التحليل التي تعقبه، والتي تُصلّى من داخل الليتورجيا هي الأساس، حتى بعد أن أصبح الكاهن يصلي نفس هذه الصلاة عينها على رأس المعترف بمفرده بعد اعترافه بخطاياه.
ولكن الأمر الجدير بالانتباه هنا هو أن القدَّاس الإلهي ليس هو وقت الاعتراف بالخطايا، لأن الكنيسة كلها الآن في حالة صلاة وشُكر وتسبيح، مع مخافة، من جراء حضور الله بين شعبه. ومن ثمَّ فمن نافلة القول أن يطلب أن المصلين من الأب الكاهن أثناء صلوات القداس الإلهي أن يصلي له التحليل. والكتاب الذي بين يديك يشرح هذا الأمر بتوضيح أكثر.
راجياً إلى ربي يسوع المسيح رأس الكنيسة وثباتها، أن يجعل من ثمرة هذا الكتاب خلاصاً وبنياناً وثباتاً في كنيسته المقدسة، بشفاعة والدة الإله القديسة الطاهرة مريم، وسادتي الآباء الرُّسُل القديسين، وكل مصاف الشهداء والصدِّيقين. وبصلوات قداسة البابا شنوده الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. وصلوات آبائي المطارنة والأساقفة والقمامصة والقسوس، وإخوتي الشمامسة وآبائي الرُّهبان، وكل طغمة العلمانيين المباركين، آمين.