تحميل كتاب أسوار الجنة pdf

تحميل كتاب أسوار الجنة pdf

الكاتب: عبد اللطيف علوي

التقييم:4.38

تاريخ النشر: 2018
Goodreads

سيدي الرئيس..
هذه هديتي إليك، “أسوار الجنّة” ، الجنّة الّتي وعدتنا بها ذات السّادس والخمسين، هل تذكر؟ يوم عدت على حصانك المطهّم، فارسا مظفّرا، من حرب لم تخضها… خاضها جنديّ مجهول في الشّعاب والجبال، برصاصه ومائه ودمائه، ثمّ سرقت حصانه وعدت يومها الفارس الأوحد، ثمّ نزلت عن الحصان وركبت الأعناق، ثلاثين عاما لم تكن تكفي…
هذه هديّتي اليوم إليك، أسوار الجنّة، نحن لم نطلب منك يوما أن تهبنا الجنّة، لكنّك بالغت في الكرم ولم ترض لنا ما دونها، مع أنّنا كنّا نحلم فقط بأن لا تكون جحيما.
أعرف أنّك لم تعد تهتمّ اليوم بهذه الأشياء، وأنّك لم تحبّذ يوما أن تقرأ روايات الخارجين عن القانون. كنت تحبّ العكاظيّات المدحيّة وحديث الأربعاء وتراقص التّفّاح الأحمر في خلواتك الكريمة و كنت تحتقر لغة العاربة، وتكره غبار البشر حين ينهض من ركامه وينذر بالعاصفة، وأعرف أنّ مثل هذه الرواية ما كان لها أن ترى النّور غي عهدك السّعيد، ولو حدث لكانت وحدها تكفي لكم حجّة كي تلفّوا حبل عدالتكم حول رقبتي، وكان مجرّد اقتحامها لمقامكم العظيم، يستحقّ عشرين عاما من الموت بالتفصيل في صبّاط الظّلام وأقبية برج الرّومي…
فمعذرة مرّة أخرى على قلّة ذوقي وسوء أدبي في حضرة مقامك، قصدت فقط أن أهنّئك بالذّكرى الثلاثين لسقوطك، وتهنّئني بالذكرى الثلاثين لسجني على يديك…
هل تتذكّر، كنّا يومها تلاميذ صغارا، كنّا نظنّ أنّ حبّ الوطن من الإيمان، لكنّك كنت ترى أن حبّ الوطن من السّياسة، وكنّا نعرف أنك حرّمت السياسة، هل تذكر؟
يومها قرّرت أن تعالجنا بالجوع والخوف والتّعذيب والكهرباء ، و بالذّلّ كي لا يبقى على الأرض عزيز سواك. أتذكر؟
يومها قيل لك إنّ أبناءك قد عقّوا أبوّتك، وقد كذبوا… فقد كنّا أبناء آبائنا وأمّهاتنا وحدهم، أبناء شرعيّين لم نولد في ملاجئك ولم نأكل من فتات موائدك ولم نعترف بأبوّتك ولم نشهد لك يوما بالألوهيّة، ولا بالعصمة ولا بالحصانة…
سيّدي الرّئيس هذه “أسوار الجنّة”، أعترف أنني لم أكن شجاعا بما يكفي ولا مجنونا بما يكفي كي أهديك إيّاها قبل سبع سنوات، كان لا بدّ من كلّ تلك الدماء والأوجاع والدّموع، كي أستطيع في النّهاية أن أمرّ ببابك وأهمس إليك أنني لم أستطع أن أكرهها، فعلتَ كلّ ما تستطيع كي تجعلني أكره هذه البلاد، لكنك لم تنجح،
لقد انتصرت عليك…